عكاظ اليوم- السعودية ثمة تقارير (دورية) تعد وتكتب في المكاتب الباذخة كلها تؤكد حالة واحدة ووحيدة هي أن "الأمور تسير على ما يرام"، فيما الصحافة التي تحاول الاختلاط بهموم المجتمع وآلامه وآماله وأحلامه تطلع حروفها من وسط الميدان ومن قلب الواقع، (تجهر) بأن الأمور ليست على ما يرام، وأنهم (يحجبون) الحقيقة عن (المركز)! بحجة عدم إزعاجه والتسبب في تكديره بالأخبار السيئة! وفي هذا غش وخيانة وتضليل للمركز ولبلدهم ولهم أنفسهم قبل ذلك، لأنه ليس عيباً أن تكون أمورنا على غير ما يرام عندما نحاول الإصلاح، بل العيب في تجاهل ذلك وإنكاره! هناك من يسعى بشكل محموم لتكسير مجاديف النقد وصولاً إلى تعطيل دوره المهم في البناء، وهؤلاء الذين يتبنون وجهة النظر هذه، أي يرفضون النقد بمبرر خلطه بالسخرية والتجريح والاستفزاز والبعد عن الموضوعية، فإنما يموهون بما ينتجه (تأويلهم الخاص) لما يكتب بأنه تجريح واستفزاز للأشخاص! في رأيي أنه لا علاقة للكاتب، أيّ كاتب أو صاحب وجهة نظر، بتفسيراتهم واستنتاجاتهم، لأن الكاتب مسؤول عما يكتبه، والقارئ، أيّ قارئ، حر في أن يفهم ما يشاء، فليس ثمة أحد وصيا ًعليه. هل يعلم هؤلاء كيف أصبح اليابانيون غداة الحرب العالمية الثانية، أسياد العالم؟ لقد تحقق لهم ذلك "من خلال تحويلهم النقد إلى مصدر منهجي للمعلومات، فعندما ترسلون استمارة الضمانة المرفقة بأحد منتجات شركة سوني من أجل طلب تعويض ما، ترسل نسخة من هذه الاستمارة تلقائيا إلى دائرة خاصة تقوم بتحليل الشوائب المذكورة ويستخلص منها المعلومة الضرورية لتحسين الإنتاج"، تضيف فاطمة المرنيسي، "ويشكل استغلال الأخطاء المرتكبة أحد المفاهيم الأساسية في أسلوب الإدارة management المعروف حاليا تحت اسم الجودة quality، والذي أتاح لليابانيين التفوق على الأمريكيين في عقر دارهم. ويتمثل هذا الأسلوب في عملية متواصلة من التحسين والسعي الدؤوب لتحقيق أعلى مستوى من الجودة عن طريق عزل مصدر الخطأ. والهدف من هذا الأسلوب بلوغ المستوى "صفر" من الأخطاء zero defect الذي تعبر عنه اللغة اليابانية بكلمة kaizen. وهذا هو النهج الذي أهتم به شخصيا، أي بلوغ الكمال باستعمال الأخطاء والانتقادات الشخصية كمصدر للمعلومات. فعندما أواجه نقدا، أيا كان مصدره، داخليا أم خارجيا، أستوعبه بهدوء، ثم أقوم بالتحليل لاحقاً، ببرودة أعصاب، فأفصل مشكلتي الخاصة عن مشكلة محاوري الذي غالباً ما يستغل عيبي للتقدم والسيطرة عليّ". Twitter: @ali_makki2