يحتج بعض المسؤولين على معظم طروحات الصحافة المحلية، لأن معظم هذه الطروحات، تركز على سلبيات عملهم، ولأنها، أي هذه الكتابات، توصف بالشخصية (والتجريحية)!، حسب وجهة نظرهم. ثمة تقارير (دورية) تعد وتكتب في المكاتب الباذخة كلها تؤكد حالة واحدة ووحيدة هي أن “الأمور تسير على ما يرام”، فيما الصحافة التي تحاول الاختلاط بهموم المجتمع وآلامه وآماله وأحلامه تطلع حروفها من وسط الميدان ومن قلب الواقع، (تجهر) بأن الأمور ليست على ما يرام، وأنهم (يحجبون) الحقيقة عن (المركز)! بحجة عدم إزعاجه والتسبب في تكديره بالأخبار السيئة! وفي هذا غش وخيانة وتضليل للمركز ولبلدهم ولهم أنفسهم قبل ذلك، لأنه ليس عيباً أن تكون أمورنا على غير ما يرام عندما نحاول الإصلاح، بل العيب في تجاهل ذلك وإنكاره! أما المتذمرون من النقد الصحفي، فإذا كان مكمن العجب يتحدد في نقطة انتقاد المسؤولين، بالذات من أصحاب المراتب العالية، فإنني أرى أنّ الكاتب يعرض في كتاباته، لعدد من الحالات، بالكشف والتحليل والنقد، وهذه الحالات قد تكون مرتبطة بهذا (المعالي) أو ذاك (السعيد)، والمجال مفتوح للرد على الكلمة بكلمة مثلها. فحين يتبين للكاتب أنه أخطأ أو أنّ كتاباته كانت مخالفة للصواب فإنه سيعتذر بكل شجاعة متحملاً أي تبعات تترتب على ذلك. ولا أظن أنّ كاتباً أو صحافياً لا يحفظ لمسؤولينا مكانتهم وقدرهم، لكن هذا لا يتعارض مع بشريتهم، فهم ممن خلق الله، يتكلمون ويأكلون حين يجوعون ولمّا يعطشون يشربون، هم مثلنا يعملون فيصيبون ويخطئون، ينامون ويستيقظون، إنهم من نفس طينتنا ومن عيْن الماء المهين الذي أنشأنا منه رب السماوات والأرض رب العالمين. لهم احترامهم وتقديرهم، لا شك في هذا، لكنهم ليسوا من خارج النطاق الآدمي البشريّ، ولم يُخلقوا من نبتةٍ مقدسةٍ أو منزهةٍ، ليكونوا مِمَّن لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم، كما يحاول البعض تصويرهم!