سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإثارة الصحفية تدخل الصحافة رغماً عنها في قائمة «كتاب العرائض» المتحمسين بدون وقائع في أيديهم أو حقائق في حوزتهم توجيه الملك عبدالله الوزراء والمسؤولين بضرورة الرد على ما تنشره الصحف يؤسس مجتمع الشفافية والصدق والصراحة
في كلمات قليلة مفيدة، وواضحة، وتفي بالغرض المنشود جاء التوجيه الملكي للوزارات والإدارات الحكومية بضرورة الرد السريع على كل ما ينشر في الصحف من نقد (إن كان صحيحاً لمعالجته، وإن كان غير صحيح لتصحيحه أمام الرأي العام).. وعلى هذا الجانب الهام يركز ويؤكد توجيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز (لقد لاحظنا أن كثيراً مما يكتب في الصحف والمجلات أو ينشر في وسائل الإعلام الأخرى عن بعض الجهات الحكومية وما تقدمه من خدمات يفتقر إلى الدقة، والموضوعية، والمنهجية العلمية في الطرح، ويميل البعض منها إلى التعميم، وعدم التحقق من المعلومات الصحيحة من مصادرها الأصلية، وقد تتأخر الجهة المعنية في الرد على ذلك، وايضاح الحقيقة.. ولما لذلك من آثار سلبية نرغب إليكم التأكيد على الجهات المعنية كل فيما يخصه بالرد على ما ينشر في وسائل الإعلام من مغالطات أو غيره في دقته لايضاح الحقائق). ولا يمكن أن يخفي أحد سعادته من هذا التوجيه الكريم، والهام الذي أصدره الملك عبدالله بن عبدالعزيز للوزراء، والمسؤولين بأهمية وضرورة الرد على كل ما تنشره وسائل الإعلام من نقد وبالذات الصحف التي تتناول بشكل يومي هذه الوزارة أو تلك وهذه الإدارة أو تلك دون أن يجد النقد اهتماماً أو متابعة أو عناية من الوزارات والإدارات الحكومية التي تمر معظمها مرور الكرام على هذا النقد فلا هي تؤكده، ولا هي تنفيه فيستقر في نفس القارئ ان هذا النقد صحيح مائة في المائة وان كل ما تناوله النقد من أخطاء، وقصور واهمال يجب مواصلته والاستمرار فيه بسبب ان الجهة المعنية لم ترد عليه ولم تهتم به. أسلوب حماسي مثير واعتقد - وأنا أحد المشتغلين بالنقد والمهتمين به - بحكم عملي الصحفي ان جزءاً مما تنشره الصحف اليومية (مع احترامنا للجميع) لا يختلف كثيراً عن الأسلوب القديم، والمعروف الذي يسير فيه ويتبعه وينتهجه ويسلكه الزملاء (كتّاب المعاريض) حينما يلجأ إليهم صاحب الشكوى، ويطلب منهم (كتابة معروض شنان رنان)، فيتولون من عندهم انتقاء أقسى عبارات الاتهام، واختيار أقوى عبارات الهجوم، والتجريح، والاتهامات الباطلة من أجل أن يكسب صاحب المعروض القضية، ويكسب كاتب المعروض مزيداً من الريالات لأنه استطاع تأليف اتهامات غير صحيحة تدخل في باب الشكاوى الكيدية..؟ ومعظم ما ينشر حالياً في صحفنا يدخل بالفعل في قائمة الشكاوى الكيدية المحظورة إنسانياً، وأخلاقياً، واجتماعياً، ومهنياً لأنه يعتمد على الاشاعات أحياناً، وعلى السماع أحياناً وعلى الأقاويل أحياناً، وعلى العلاقات الشخصية أحياناً، وعلى التعميم في كثير من الأحيان فيصيب التشويه جهات وإدارات ووزارات ليس لها ذنب في هذا النقد الجارح، وذنبها انها لم تتحرك للرد فوراً، ولم تحرص على - إزالة اللبس - في النقد..! وهذا (التشبيه) بين جزء مما تنشره الصحف من نقد وبين ما يكتبه (كتاب المعاريض) ليس فيه تجريح لأي من الطرفين انما فيه رغبة للتفريق بين (النقد الحماسي) لحالة من الحالات، ومشكلة من المشكلات أو رواية لها ولكن بأسلوب (شنان، رنان) يكون الهدف منه - إذا افترضنا حسن الظن - هو لفت الانتباه والاهتمام بالمشكلة بأقصى سرعة، والعمل على حلها بعد نشر المشكلة بساعة أو ساعتين وإذا لم يتحقق ذلك فإن المشاكل (تتفاقم) والحلول تصبح في حكم المستحيلة، وهذا هو الحماس الذي يزيد عن حده.. نماذج وأمثلة لعدم الرد مثلاً لا يصح أن تشهد مدينة جدة (أزمة مياه طاحنة) تكتب عنها كل الصحف ثم لا يكون هناك (رد توضيح) من جانب الجهة المختصة فهل ما كتبته الصحف يذهب في (مهب الريح).. ويلتزم المسؤولون (الصمت) الشديد لأنهم يخشون أن يقعوا في المحظور وتستاء منهم الكراسي التي هي فوقهم فيقولون بينهم وبين أنفسهم (السكوت أحسن من الكلام) بينما الكلام في مثل هذه الحالات أحسن من السكوت مهما كان هذا الكلام، المهم أن يكون كلاماً مقنعاً، ووافياً، وشافياً ما أمكن، ولا يلام المرء بعد اجتهاده. أما أن يترك - النقد - هكذا دون - مبادرة - ودون رد، ودون توضيح فهذا أمر لا يصح، ولا يجوز وأي اعتراف بالخطأ، أو التقصير لا يعني انتقاصاً من الجهود المبذولة أو تقليلاً من شأنها وقيمتها لكن السكوت على النقد هو الذي يهز صورة هذه الجهود، ويقلل من شأنها، وقيمتها وعلى أي مسؤول في أي موقع أن يدرك ذلك وأن يعيه وأن يستوعبه. وهذه حوادث السيارات اليومية بالعشرات والمئات والضحايا كذلك. والأقلام تكتب وتتألم وتتوجع والعابثون بأرواح الناس على مدار الساعة، والدقيقة، والثانية لا يتوقفون عن عبثهم ولا نرى ولا نسمع (ردود فعل) من قبل المعنيين، والمختصين ولا (نقرأ) رداً على الهجمات المتتالية واتهام أفراد المرور بأنهم السبب المباشر لهذه المآسي المرورية نظراً لعدم وجود عيون حازمة، وصارمة ترصد هذه المآسي، وتحاول أن تضع حداً لها.. وتجعل أي عابث بأنظمة السير يراجع نفسه وهو يقطع الإشارة - أمام خلق الله جميعاً - ويرتكب الحوادث البسيطة والجسيمة - أمام خلق الله جميعاً - ثم لا يكون هناك (رادع) يحفظ أرواح الأبرياء وممتلكاتهم من هذا (العبث الدامي) كل لحظة.. لقد شاهدت عصر الخميس الماضي طفلاً في العاشرة يقود سيارة جيب ومعه اخوته في شارع الصحافة - شارع المرور - ولو كانت هناك (هيبة) للمرور ما كان والد هذا الطفل سمح لابنه الطفل أن يقود هذا الجيب فيعرض حياة الناس في الشارع للخطر، ويعرض حياته هو واخوته للخطر. علاقات عامة أم خاصة وهذه هي إدارات وأقسام العلاقات العامة تعمل في الوزارات، والمؤسسات والمرافق الرسمية، ومناط بها قراءة أي نقد تنشره الصحف ومناط بها الرد عليه لكن النقد ينتشر في الصحف وإدارات العلاقات العامة كأنها تقول (لا أرى، لا اقرأ، لا اسمع) لأن الشخصية التي جاء النقد لإدارتها لا تريد أن تنزل لمستوى هذا النقد، وتعتقد أن (عدم الرد) يكفي لوقوف هذا النقد عاجلاً أو اجلاً وهذا غير صحيح لأن عدم الرد يزيد من الشد العصبي، ويزيد من وتيرة النقد، ويزيد من تصديق آخرين بوجود أخطاء فينطلقون بدورهم للمشاركة وتكون الأخطاء المستهدفة في النقد - لا تستحق - كل هذه الحملات الصحفية، والكتابية لكن - تطنيش - الجهة المعنية جعل الآخرين (يتهادون) في النقد، والهجوم والاتهام الذي يصل أحياناً لدرجة (التشويه) و(التجريح) اما بسبب معلومات مغلوطة أو نقلاً عن حكايات مجالس أو لمجرد أن عدم الرد دفع الصحفي أو الكاتب الاجتماعي إلى شن حملة غضب. وكما يعرف الجميع فإن (همزة الوصل) بين القارئ والمسؤول والصحفي هي إدارات العلاقات العامة وهي حينما (تمتنع) عن الرد على أي نقد إلا بموافقة المسؤول الكبير عن هذه الجهة، أو تلك فإن المطلوب هو تغيير مسمى العلاقات العامة إلى مسمى العلاقات الخاصة، وهذا ليس في الصالح العام.. بل إن - بعض - الإدارات والمؤسسات تفضل أن يكون بين موظفي العلاقات العامة من التحق بالصحافة ليس لتحسين صورتها أمام النقد، وأمام الرأي العام بل لتمرير أخبارها، وتصريحاتها بالصورة التي (ترتاح) إليها وترسمها بالحرف الواحد، وإذا تم أي (تحريف) أو (اجتهاد) لا ترغبه قاطعت الصحيفة فترة من الوقت.. وحين يصدر توجيه من هذا النوع الاجتماعي، والإنساني، والوطني من المسؤول الأول لكافة الوزراء، والمسؤولين بأن يحرصوا على الاطلاع على أي نقد يكتب عن وزارتهم، وإداراتهم، ويقومون بالرد عليه - في حينه - فهذا يؤكد رغبة هذه القيادة في الاصلاح، والتصحيح، والوضوح تجاه كل مشاكلنا بدون استثناء، والتصدي لعلاجها.