هناك مصطلحان يترددان كثيرا في الخطابات السياسية والثقافية بشكل متفاوت وفي نفس قيمتان اجتماعيتان أساسيتان الاول: العدالة والثاني : المساواة أما الأول فهو قيمة سعت لها البشرية منذ الأزل، وساهمت التعاليم الدينية في الأديان الثلاثة في تكريسها، والحث عليها، وجاء الإسلام وركز عليها بشكل كبير وصريح وفعال قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) ويقول أيضًا: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) لذا فقيمة العدل قيمة يدعمها النص الإلهي والعقل الإنساني لأنها طريق يؤدي إلى المساواة، فبدون العدل لا يمكن أن توجد المساواة. كما نجد أن العدالة بالنسبة لأرسطو تقوم على مبدأين هما: المساواة والإنصاف ومن هذين المبدأين بدأ الانقسام، فالبعض يرى العدالة تتحقق من خلال الإنصاف، فعلى مر القرون الماضية لايمكن إنكار وجود العدالة في بعض المجتمعات الإنسانية التي حكمت وسادت، لكن في نفس الوقت لايمكن القول بالمساواة في تلك العصور وفق المنطلقات الحديثة لمعنى المساواة. ومن خلال الفعل النظري للحياة نجد القوانين والنظم التي تحكم العالم اليوم بأقطابها المتعددة، هناك أنماط للمساواة غير متفق عليها للمساواة فالمساواة الأخلاقية، أو الرسمية، المساواة أمام القانون؛ المساواة السياسية؛ المساواة في الفرص؛ والمساواة في النتائج.ومن الناحية التطبيقية نجد ان المساواة في النتائج والفرص محل نظر واختلاف بين كثير من الأنظمة الحديثة، فغالبية دول العالم ترفع شعار المساواة من الناحية النظرية، لكن عند التطبيق نجد أن القانون يفرق في المعاملة بين المواطن والمقيم والسائح وفق آلية قانونية متفق عليها ويفرق بين أفراد المجتمع من خلال الثراء المادي والفرص المتاحة للأثرياء عن الفقراء، وكذلك الامتيازات المقننة التي يشار إليها بالعضوية عادة، من الناحية العقلية يمكن أن تجد هذا مبررا لكنك لاتستطيع أن تنادي به بسبب وهج شعار المساواة، لذلك نجد أن اكثر من يقف بصلابة تجاه قضايا المساواة التي تخالف الفطرة البشرية، أو العادات الاجتماعية والشرائع الدينية هم رجال الدين. قد نختلف في كثير من الأمور لكن هناك شعارات جميلة وبراقة لكنها على مستوى التطبيق غير ممكنة وتبرير مخالفاتها دليل ذلك، خذ الشيوعية مثلا ودعوتها للمساواة المطلقة حتى في النتائج وما آلت إليه في النهاية!. يبقى هناك سؤال ملح هل الناس بحاجة للعدالة للشعور بالمساواة أم بالمساواة للشعور بالعدالة.. ؟