عكاظ -السعودية يقول مثلنا العربي القديم إنك لا تجني من الشوك العنب!! لكنا في بعض مدارسنا نزرع شوكا ونتوقع أن نجني منه عنبا حلوا، نزرع في قلوب تلاميذنا الصغار الخوف والذل ونسقيهم الإهانة والإيذاء الجسدي والنفسي، ثم متى كبروا وبلغوا المرحلة الثانوية، أخذنا نصيح مستغربين ومستنكرين من تحول بعضهم إلى عدوانيين يعتدون على معلميهم ويحطمون سياراتهم ويحرقون مدارسهم!!! بدا الفديو الذي بث على بعض وسائل الاتصال الإلكترونية لطفل صغير على مقاعد الدراسة يرتجف هلعا وذلا وانكسارا وهو يستجدي معلمه أن لا يضربه وأن يعطيه فرصة أخرى فيمهله ليتعلم الدرس في البيت. صورة تنطق بالقسوة والإيذاء والتعدي على حقوق الطفل بأوضح صورة، ولكن أسوأ من ذلك ما تعبر عنه تلك الصورة من سوء اختيار وزارة التربية لمن يقومون بهذه المهمة النبيلة والسامية، مهمة التعليم، فهذا المعلم الذي لم تتحرك في قلبه ذرة من رفق بالطفل وانشغل بتصويره ملتذا بمنظره الخائف، هو يدلل بسلوكه هذا على عدم سلامة صحته النفسية، ومن الخطر بمكان تركه وأمثاله يتعاملون مع هذه القلوب الصغيرة البريئة فيدمرونها، لتتحول هي بدورها إلى قلوب محطمة بالذل والإهانة والإيذاء، فتصير مدارسنا (مفرخة) يتوالد فيها العدوانيون والمنحرفون من الإرهابيين وغيرهم الذين يجدون لذتهم في إيذاء غيرهم وإذلالهم بالتعالي فوقهم وادعاء الأفضلية والتميز عليهم. هذا الفديو لا يمثل حالة وحيدة ونادرة فيما يجري في بعض المدارس الحكومية من إيذاء نفسي وجسدي للتلاميذ خاصة في مدارس الصغار، فرغم أن وزارة التربية والتعليم تحظر ضرب الطلاب وإهانتهم إلا أن الالتزام بذلك يكاد يكون معدوما، خاصة في المدارس الموجودة في القرى والمحافظات الصغيرة والأحياء الشعبية، فهذه المدارس أسوأ من غيرها ليس في المباني فحسب، وإنما أيضا هي أسوأ في مستوى المعلمين الذين يعملون فيها من حيث الوعي والمعرفة والصحة النفسية. ولأن مراقبي الوزارة ومشرفيها لا يمكنهم أن يكونوا موجودين كل الوقت لمراقبة أسلوب التعليم الذي يمارسه المعلمون داخل فصولهم، فإنه يضحي من الضروري تزويد الفصول الدراسية في تلك المدارس بكاميرات تسجل الصوت والصورة، لمتابعة ما يجري داخل المدارس من إيذاء وإهانات للتلاميذ. ومن هنا إلى أن ينفذ هذا الاقتراح، ليس أمامنا سوى أن نوجه الشكر الصادق لكل من يصور وقائع الإيذاء وينشرها أمام الناس، فقد باتت هذه الطريقة هي الوسيلة الفعالة للفت أنظار المسؤولين إلى ما يجري داخل مؤسساتهم من ظلم وإيذاء للضعفاء داخلها، سواء في المدارس أو المستشفيات أو دور وزارة الشؤون الاجتماعية أو غيرها!! سؤال أخير لمدير الإعلام التربوي بتعليم جازان، الذي بدلا من أن يشكر من نشر الفديو أخذ يتوعده بالعقاب، هل لسعادته أن يخبرنا كيف كان له أن يعرف بما حدث للتلميذ الصغير لو أنه لم يشاهد ذلك الفديو الذي يعترض على نشره؟ أم أن معرفة الحقيقة لاتهم أمام الحفاظ على نقاء سمعة إدارة التعليم؟