الاقتصادية -السعودية هل فاجأنا وليد السناني وهو يكفّر هنا ويحرّض على القتل هناك؟ هل صعقنا وهو يؤكد مرة بعد الأخرى أن لا الدولة ولا حكامها ولا علماؤها ولا مواطنوها على المنهج الصحيح؟ فجميعنا نعيش في دولة كافرة، بينما هو وجماعته لديهم صكوك الجنة ومفاتيحها. كل هذا يهون لو كان السناني وحيداً منبوذاً بفكره وقناعاته. المفاجأة الصادمة التي نغض الطرف عنها ولا نريد التوقف عندها: كم وليد السناني بيننا؟! أهمية اللقاء مع السناني، الذي أجراه المتميز داود الشريان على شاشة ''إم بي سي''، ليس في مضامينه فحسب، بل في ردود الفعل التي تلته، وهو ما يعيد طرح السؤال الذي يقلق مسامعنا: هل هناك وليد واحد فقط؟ أم هناك العشرات ممّن يعتنقون فكره إن لم يكن الآلاف؟ ها هم بالمئات يؤيدونه على مواقع التواصل الاجتماعي مثلاً، ألا يجدر بنا أن نفكر مائة مرة كيف تسرّب هذا الفكر المتطرف لشريحة من المجتمع، أم نكتفي بأن نعتبر ذلك طبيعيا ولا يشكل أي قلق مطلقاً؟ مع ملاحظة أن السناني عبّر عن فكره المتطرف أمام الملأ، إذن: ماذا عن أولئك المتسترين بالتقية، وهم يؤمنون بفكره قولاً وفعلاً ولا يعرفهم أحد؟ مصيبتنا الحقيقية في ''القاعديين الجدد''، إذا صح التعبير، وهؤلاء ليسوا شرطاً أن يكونوا أعضاء في التنظيم الإرهابي، إنما متعاطفون ومؤيدون لكثير من أفعال ''القاعدة''، وبشكل صريح. هذه الشريحة شيئا فشيئا تكبر وتنتشر مثل السرطان، حتى إن بعضهم يفعل ذلك لا تأييداً منه ل ''القاعدة'' ولا يحزنون، بل فقط نكاية في الدولة ومؤسساتها، فهو يقدم نفسه، جهلاً، بأنه المعارض الكبير، معتقداً بضرورة المضي خلف كل مَن هو ضد هذه الدولة، مهما شذّ تفكيره وتطرّف فعله. تخيلوا أن هناك مَن يدافع عن السناني على الرغم من كل أطروحاته، من ''جنود الطاغوت'' مروراً ب ''هيئة كبار العملاء'' و''المناهج العلمانية'' إلى ''تكفير'' القاصي والداني وانتهاء ب ''المفتري العام''، والأخطر تأكيده أن السعودية ''بلاد الكفر''، وفي نهاية الأمر يأتي داعية مثل الشيخ يوسف الأحمد ليطالب على الملأ ب ''نصرة'' ''الشيخ'' وليد السناني و''الإفراج عنه''، ثم يعتبره ''مدرسة في الثبات'' و''أسطورة تاريخية''.. هل تخيلتم فعلاً الكارثة الحقيقية.. مَن يكفر الدولة يراه البعض ''أسطورة تاريخية''؟! أما الزاعمون بأنهم حقوقيون، وما أكثرهم وما أقل نفعهم، فها هم من جديد يثبتون أن الحقوق في وادٍ وهم في وادٍ، فأمام فكر إقصائي كالذي مثله السناني، انقسموا قسمين: الأول اكتفى بالبقاء على وضعية الصامت، والقسم الآخر كان أشد قبحاً، وهو يرى هذا الفكر بأنه جزء من التعبير عن الرأي والحرية الشخصية، كما أشار التقرير المنشور في هذه الصحيفة أمس، وهؤلاء لو كانوا يعلمون أن هذا الرأي يجرمهم في أكثر الديمقراطيات العالمية، هل استمروا في غيهم؟ التعاطف مع وليد السناني، أياً كانت أسبابه، لا يمكن لأي عاقل أن يقبله أو يتفهمه أو يبرره، والمضي في سياسة المهادنة وعدم تطبيق القانون مع الداعين للعنف والتحريض على القتل وتكفير الدولة، لن نجني منها إلا مزيداً من اتساع رقعة ''القاعديين الجدد''. العلاج في بدايته سهل وغير مكلف، أما إذا استفحل وانتشر فإن آخره الكي.. فلماذا ننتظر حتى تحين تلك اللحظة؟!