يدور جدل قانوني حول إصدار قانون يمنع «زواج القاصرات» الذي تطالب به بعض الجهات، مما دفع هيئة الإفتاء للطلب من وزارة العدل إحصائيات زواج القاصرات، لمعرفة هل النسبة كبيرة لتبرير تشريع جديد لهذا الزواج أم هو غير متفش بين أوساط المجتمع؟ هذا الجدل القانوني مرت به كل المجتمعات، إذ إن زواج القاصرات كان موجودا منذ القدم وقبل الإسلام، وما يجعل الجدل مستمرا لدينا قصة زواج سيد الخلق «صلى الله عليه وسلم» من أم المؤمنين «عائشة» رضي الله عنها، فهناك قصة روتها عائشة في أواخر عمرها تؤكد أن الرسول دخل عليها وعمرها 9 سنوات، وهذه الرواية عززها الواقع المعاش في ذاك الوقت ليس بجزيرة العرب قبل الإسلام، بل حتى في اليمن والشام وبلاد فارس وكل المجتمعات، كانت لديهم أنواع كثيرة من الزواجات بما فيها زواج القاصرات، وقصة أخرى مهجورة ولم يعززها الواقع المعاش في تلك الحقبة تؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها وعمرها 19 عاما. إذن نحن أمام روايتين هي من تجعل الجدل يطول إلى الآن، ولكن جمال وعظمة «القرآن الكريم» أنه صالح لكل زمان ومكان ولا يعتمد على الروايات المختلفة، وإن أخذته كله لن يكون حمال أوجه، لهذا دعونا ننظر للأمر من زاوية أخرى بعيدا عن القصتين. في الإرث ولحماية الورثة «بنت / ولد» إن كانوا قصرا، المشرع يفرض الوصاية لأن الوريث لم يبلغ سن الرشد الذي حدد 18 عاما، ويحتاج حماية لأن قراراته قد تضره، كذلك يفرض المشرع رقابة مالية على الوصي حتى لا يسرق هو المال، ويحمله مسؤولية فقدان الثروة التي يجب عليه تسليمها كما هي إن لم يطورها. في زواج «البكر» البالغة سن الرشد يصبح الزواج باطلا وإن وافق ولي الأمر إن لم توافق الفتاة وأجبرت عليه، ويمكنها اللجوء للقاضي ليبطل هذا الزواج. بين الإرث الذي لا يسلم «الوريث/ة» الطفل/الطفلة ميراثها ويفرض سن الرشد ليصل للسن القادر على اتخاذ القرار، وبين عقد الزواج الذي يحتاج لموافقة واعية من الفتاة، ألا يقدم لنا الإسلام دليلا واضحا يساعدنا على حل هذا الجدل، وأنه ليصبح الزواج صحيحا تحتاج الفتاة «سن الرشد» لتصبح مسؤولة عن قراراتها؟ بعبارة أوضح: بين الإرث والزواج ربما الإرث يمنع زواج القاصرات.