في دول أكثر تقدما منا، يتم التعامل مع المتهور ومن يقود سيارته برعونة باعتباره مجرما، يجري استيقافه ووضع القيود في يديه مباشرة ومن ثم يتم إيداعه السجن. ولكن الرعونة عندنا في الغالب لا حساب عليها، لأن عين المرور لا يمكن أن تصل إلى الشرائح التي تمارس هذا الفعل. وعادة فإن الحساب لا يتحقق إلا بحصول حادثة ينجم عنها ضحايا. الذين يمارسون الرعونة عندنا، يمارسونها عن سبق إصرار، وهم يراهنون غالبا على خوف قائدي السيارات الآخرين، وبالتالي يضطرون للتنازل عن حقوقهم لمن يقوم بدور السائق الفحل الذي لا يرى أحدا قبله أو بعده. الآن ماذا لو تقدم إنسان ببلاغ إلى الشرطة أو المرور يتهم فيه قائد مركبة بالشروع في قتله وقتل الآخرين بسبب رعونته؟ هل سيتم التعامل مع هذا الأمر بمنتهى الجدية. ما زال المطلب المجتمعي المهم، أن يتم ضخ مزيد من الطاقات البشرية إلى الميدان على شكل دوريات سيارة وراجلة. وأن تمارس هذه الدوريات فعلا حازما تجاه أي خرق لنظام المرور. إذ لا قيمة لوضع دورية أمام إشارة، وهي تتجاهل سيارة تدور للخلف من المسار الأوسط أو الأيمن، أو سيارة تغلق المسار الأيمن، هذه وتلك تسهم في التعثر المروري. والصمت على هذه المخالفات الصغيرة يتيح المجال لمخالفات أكبر تنتهي بحوادث مميتة. قلت في مقالة الأربعاء الماضي إن علينا أن نتعامل مع جرائم المرور باعتبارها قضية رأي عام، وينبغي أن تكون ضمن الأولويات التي نوجد لها حلولا عاجلة قابلة للتطبيق، لا مجرد كلمات وتصريحات جميلة ينفيها واقعنا المروري في الشارع.