أنا واحدة من الناس اللذين تفاءلوا بتغيير إدارة الهيئة، بعد أن تقلد رئاستها معالي الشيخ عبداللطيف آل الشيخ، هذا الرجل الذي يملك كثيرًا من التطلعات الإصلاحية والتطويرية لهذا الجهاز، إلا أن ما يحدث من أخطاء وصلت إلى مرحلة "الجرائم" أظنها أكبر من قدرات معالي الشيخ، وأكبر من أن يقف حيلولة دونها رجل أو عُصبة رجال من الإصلاحيين المخلصين، الأمر برمته أكبر منا جميعًا، ويحتاج إلى بحث وتدقيق وتمحيص، ومعرفة الدوافع التي تصل ببعض منتسبي الهيئة إلى حد الوقوع بالجريمة. لننظر مثلاً إلى حادثة مقتل الشابين التي وقعت في يومنا الوطني الأسبوع الفائت بالرياض، وهذا مجرد مثال أسوقه من بين أمثلة كثيرة، ولنفكر قليلاً بمن المستفيد من إسدال الستار الأسود في يوم فرحنا الذي توشحناه بالأخضر الباهي؟ من الذي يريد أن يحول أعراس الوطن إلى أحزان؟ من المستفيد من قتل البهجة والسعادة في قلب الوطن؟ من ومن؟ كلها أسئلة لم تعد الإجابة عليها صعبة مطلقًا، ولأصل وإياكم إلى إجابة قريبة، فالتعليقات التي قرأتها عبر تطبيق تويتر أجد -أغلب- المدافعين ممن يبرر جريمة قتل الشابين، هم حسابات تروّج وتدافع عن القاعدة، وحسابات تروّج وتدافع عن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وحسابات تروّج وتدافع عن الفئة الضالة من المعتقلين، بمجرد النظر إلى هذه الحسابات المدافعة والمبررة لهذه الجريمة، لن يكون صعبًا علينا معرفة من المستفيد من هذا التصرف الذي أسدل الستار على فرحتنا الوطنية بدماء شابة بريئة راحت ضحية لتصفيات سياسية وأهداف حزبية لم تعد خافية علينا، ولم يعد مجديًا أن نُلقي بالتهمة كالمعتاد على التشدد السلفي أو كما يسمى ب"الوهابي" فما عهدنا من السلفيين على مر التاريخ إلا التسامح واللين، واستشهد هنا بحلقة برنامج حراك التي تناولت قضية السلفية وكان ضيفها الشيخ السلفي عبدالعزيز الريس، الذي قام بتمثيل سماحة السلفية وانفتاحها على الرأي الآخر، والاختلاف بأدب ودون فجور بالخصومة، بينما ظهر أحد المتداخلين والمعروف بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، بأسلوب فج في التحريض والنيل ممن يخالفه، لكن الناس لا تستطيع التمييز بين من هو "سلفي" وبين ما هو "إخواني" وهذه قضية متشعبة تحتاج إلى تكاتف الجهات الأمنية والدينية لتوعية الناس وتعريفها بمن يختبئ تحت المنهج الشرعي لهذه البلد وقلبه مُعلق بمن هو خارجها! في الحقيقة أنا مقتنعة بهذا الأمر مذ سنوات، وقد كتبت هنا كثيرًا عن براءة السلفية من هؤلاء فمهما بلغ التشدد السلفي فهو لا يؤذي الآخر لا في نفسه ولا عرضه، وقد نالني بسبب هذا الرأي ما نالني من شتم وتأليب من مدعي الليبرالية ومدعي السلفية وكلا النهجين بريء منهما. لن أردد وأقول إن ما حدث من جهاز الهيئة مجرد أخطاء فردية، فإن قبلت بهذا فيعني قبولي بالأخطاء الطبية وعدم توجيه اللوم إلى وزارة الصحة بحكم أنها أخطاء فردية، وسأقبل ما يحدث من جرائم في -بعض- دور الأيتام أو المعاقين ولن ألوم وزارة الشؤون الاجتماعية بحكم أنها أخطاء فردية. إن القضية أكبر من خطأ فردي أو جماعي، هي قضية وطن، معبأ بفكر يريد هدمه!