هل يقيس الجهاز الحكومي أداءه؟ علينا تذكر أن للجهاز الحكومي دورا مؤثرا اجتماعياً واقتصادياً لا ينافسه فيه أحد، لكن هل يُقاس أداء الجهاز الحكومي؟ الإجابة القصيرة هي: ليس بصورة مباشرة، وليس بصورة آنية سريعة. لقد تنبه مجلس الوزراء الموقر لأهمية قياس أداء الجهاز الحكومي، فأصدر قراراً بهذا الشأن وكلف معهد الإدارة العامة بدراسته بتعمق، بل إن المعهد أنجز عدداً من دراسات القياس ميدانياً على وحدات من تشكيلات الجهاز الحكومي. ويبدو أن الحاجة لذلك ملحة، وأنه عمل مضنٍ ومعقد، وأنه يتطلب جهداً مكثفاً ليرى «مشروع قياس أداء الجهاز الحكومي» النور خلال السنوات القادمة. لكن ما الفائدة المرجوة من قياس الأداء؟ هل تدبيج المزيد من التقارير؟ الأمل هو أن نقيس الأداء لمقارنته بالمستهدف، والنظر في كيفية معالجة القصور، بل وكيف نستطيع الارتقاء بالأداء. وبداهةً، فنحن بحاجة دائما لقياس ما نفعل فهو البوصلة الموجهة، وإلا ما فائدة تحديد الأهداف ووضع الخطط والميزانيات والجداول الزمنية بل وما الفائدة حتى من جداول الموارد والكميات؟. نحن بحاجة دائما لقياس ما نفعل فهو البوصلة الموجهة، وإلا ما فائدة تحديد الأهداف ووضع الخطط والميزانيات والجداول الزمنية بل وما الفائدة حتى من جداول الموارد والكميات؟ لعل الوقت أزف ليعمم قرار مجلس الوزراء وينتقل مركز قياس الأداء من مرحلة الاختبار والدراسة والتجريب إلى التطبيق فتنضوي تحته جميع تشكيلات الجهاز الحكومي ليقيس أداءها وان يكتمل ذلك «الانضواء» في فترة زمنية لا تتجاوز انتهاء الخطة الخمسية العاشرة؛ فبعد نصف قرن من التخطيط المركزي وعشر خطط خمسية من المبرر الانتقال إلى سياق آخر أكثر فاعلية، لاسيما أن الجهاز الحكومي قد استكمل بنيته التحتية المعلوماتية من حواسيب وشبكات وهي ضرورية للانتقال إلى عالم وضع «مؤشرات الأداء» وربما تصميم «بطاقة الأداء المتوازن». تصور مزايا أن يصبح خلال خمس سنوات أمام كل وزارة ومؤسسة حكومية مؤشرات محددة قابلة للقياس، سنكون بذلك قد وضعنا أسساً للتخطيط ومتابعة الانجاز مؤثرة وليس تقارير تُعدّ تُرسل وتُستقبل بسرعة «الحمام الزاجل» أو أبطأ قليلاً اتكاءً على أدوات من نوع «عطفاً على خطابكم .. وإشارةً لخطابنا رقم وتاريخ»! والسعي لقياس الأداء ليس رفاهية، فحالياً ينقضي العام المالي ولا أحد يعرف تحديداً ما الذي أنجز، وما الذي أنفق، وأين منابع الانجاز والفاعلية، وأين كمائن التباطؤ؟ ببساطة، من خلال مركز قياس الأداء سيكون أمام متخذ القرار «طبلون» يبين مؤشرات كالسرعة والضغط والحرارة والبرودة والاتجاه..فيما يتعلق بأداء الجهاز الحكومي، وسيكون بوسع متخذ القرار من خلال لوحة التحكم تلك أن يدخل على التفاصيل كيفما يريد وحينما يريد مباشرة بدون خطابات صادر ووارد وبدون لجان وزيارات تأكل الوقت أكلاً، وأن يستكشف ويصلح بؤر انعدام الأداء.