تعرفة الخدمة الكهربائية للاستخدام السكني مقرة من مجلس الوزراء في عام 1421. وأحد أسسها أن تكلفة الخدمة متصاعدة حسب شريحة الاستهلاك. أعطاني أحدهم فاتورة الكهرباء لبيته. في الجدول الرئيسي للفاتورة، مبين معلومات استهلاك الخدمة الكهربائية والمبلغ المطلوب دفعه. وضمن هذا الجدول، ومذكور أن عدد الأيام 34 يوما، تبدأ من 22/8/1434 وتنتهي في 26/9/1434. ومن ثم فالمتبادر إلى الذهن أن الفاتورة حسبت على أساس هذه الأيام ال 34. ذكر في مكان آخر من الفاتورة، جدول شرائح الاستهلاك، كما جاءت في قرار لمجلس الوزراء. ومكتوب بالنص أنه يتم احتساب الاستهلاك على أساس 30 يوما. ما الذي نفهمه أو نخلص إليه؟ الفاتورة لا تطبق مبدأ أو أساس 30 يوما الآنفة الذكر. ماذا يعني عدم التطبيق؟ المبلغ المطلوب في الفاتورة أعلى من المفترض. لماذا؟ زيادة مدة الفاتورة تزيد احتمالية دخول المستهلك في الشريحة التالية، التي تباع فيها وحدة الاستهلاك الكهربائي بتعرفة أعلى. ولكن هذا المفترض، والحق يقال، غير محدد. هل المفترض أن يتم احتساب الفاتورة على 30 يوما؟ هذا يعني أن الفاتورة لا تسير حسب الشهور، أي التقويم. كما أنني قرأت قرار مجلس الوزراء ولم أجد فيه نصا يوضح مدة أو كيفية احتساب مدة الفاتورة بالضبط. الموضوع مشكل، ويحتاج إلى حل. لا علاقة للموضوع بربحية الشركة. أقول ذلك، لأن الشركة وهيئة تنظيم الكهرباء تؤكدان انخفاض التعرفة التي تتقاضاها الشركة من نسبة كبرى من المستهلكين. وتؤكدان أيضا أن الشركة لا تربح الربح المتوقع. ما المعنى المتوقع؟ تحقيق عوائد على رأس المال، منافسة أو مقاربة لما يسود في السوق. جزء كبير من ربح الشركة ناتج من تسويات. من جهة أخرى، قطاع الإنتاج للاستهلاك المنزلي خاسر. هل هذا مقنع؟ تبدو هذه الأخبار للناس كاللغز. شركة الكهرباء ""خسرانة"". الموضوع يحتاج إلى تمحيص شديد، للتعرف على الأسباب. بلغت إيرادات الشركة العام الماضي أكثر من 30 مليار ريال، وهو رقم صغير مقارنة بما نتوقعه من إيرادات ومقارنة بأصول الشركة التي بلغت قرابة 200 مليار ريال. ابتداء يمكن القول إن الموضوع يمكن مناقشته من سبع زوايا هي الطلب والعرض والجودة والموارد والرسوم والتعرفة والتكاليف والناحية التنظيمية في الإدارة. ومطلوب تمحيص كل زاوية. ومن المهم جدا تمحيص حوكمة الشركة، للتدقيق بصورة أقوى على عقودها ومصروفاتها وإيراداتها. وقد يثار موضوع أن هناك من يستفيد ولا يدفع. يجب أن يكون مبدأ الشركة أنه لا أحد يحصل على الخدمة بالمجان. وإذا أعطيت بالمجان لأحد، فهناك بالتأكيد من يدفع الثمن. يجب ألا تبيع شركة الكهرباء الطاقة لأحد كبيرا كان أو صغيرا إلاّ بسعر يغطي ويعطي عائداً وهذا مبدأ في رأيي مفروغ منه لتغطية التكلفة وجني العائد. ويثار هنا سؤال عن حال أصحاب الدخول المنخفضة والفقراء. لا بد من وجود طرف ثالث يقوم بالدفع. هذا يعني أن التسعيرة لا تفرق بين الفقير والغني بل تشمل الجميع. ولكن لا بد من وجود طرف ثالث يساعد المحتاجين، بالدفع نيابة عنهم، وفق ضوابط وترتيبات. ويدعم الوجهة السابقة، أن الدولة، وخلال السنوات الثلاث الماضية، قد دعمت برامج الكهرباء بنحو 19 مليار ريال، وهي مستحقات الشركة مقابل استهلاك الدولة من الكهرباء دون النظر إلى مستحقات الدولة على الشركة. كما أقرضتها عشرات المليارات. وقد أسهم ذلك في تحسين لأوضاع الشركة. وللفائدة، يبلغ ما يخص الحكومة قرابة 20 في المائة من إجمالي الاستهلاك الكهربائي. من جهة أخرى، صدرت قبل فترة تسعيرة جديدة للكهرباء، وكان يؤمل منها تغطية مصروفات الكهرباء. رغم الجهود السابقة، ما زالت مشكلات الشركة المالية قائمة. وهذا ليس بوضع طبيعي، بل لا بد أن تكون الصناعة مكتفية ذاتياً. وبما أنها شركة تجارية، أو يفترض ذلك، فيجب أن تحقق أرباحاً. ومناقشة ذلك خارج نطاق المقال. وأعود إلى ما بدأت به المقال. مدة احتساب فواتير استهلاك الكهرباء عليها مآخذ. وتجب معالجتها، بغض النظر عن اعتبارات ربحية الشركة.