من المحزن أن نعيش بالفعل منذ 2003، موسم استهداف المتاحف وسرقتها أو تهجيرها، منذ حرب العراق وصولاً إلى الأحداث الجارية. الإرث الذي تضمه تونس وسورية ومصر لا يمكن التفريط به. الذي يجري الآن، أن هناك حملات مسعورة تشوّه الإرث الجميل، من جوامع تهدم، ومساجد تسحق، وقبور تنبش وتطمس كما يحدث في سورية تحديداً ثم وتشتعل الطائفية، ليضرب كل طرفٍ، إرث الآخر وتاريخه، ومتحفه، ومكتبته، وكأننا أمام تقسيم جغرافي يعقب التقسيم الثقافي الذي نعيشه. في مصر وبعد 30 يونيو حدثت مناوشات قبالة مكتبة الإسكندرية تم ضبطها، وهناك محاولات لسرقة مثل هذه المؤسسات التراثية من متاحف ومكتبات ومنقوشات. الإرث ليس ملكاً لأحدٍ أو لطائفةٍ بل هو ملك للتاريخ كله، وللبشرية جمعاء. قبل أيام بعث الكاتب المصري محمد سلماوي برسالةٍ شديدة اللهجة إلى إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة الثقافة والعلوم والتربية "اليونسكو"، انتقد فيها صمت المنظمة إزاء الهجمات والحرائق، التي استهدفت المتاحف المصرية، ودور العبادة، والمكتبات، والمباني التاريخية! الرسالة شديدة اللهجة قال فيها سلماوي:" إن أحد تلك الاعتداءات الغاشمة كان على متحف ملوي بالمنيا، والذي سرقت منه 1050 قطعة إلا أن اعتداء قوى الظلام على المتحف لم يكن بهدف السرقة مثلما يحدث في متاحفكم، فالقطع التي لم يتمكنوا من إخراجها من المتحف تم تدميرها فى أماكنها، والبعض منها لم يعد في حالة تسمح حتى بالترميم، ثم عادت تلك الأيدي السوداء الآثمة مساء نفس اليوم، لتشعل النيران فيما تبقى من المتحف، ألا يعطيكِ هذا يا سيدتي فكرة واضحة عن جماعات الإرهاب التي كانت تحكمنا والتي تطالبوننا اليوم بعد أن أسقطناها بأن نعيدها مرة أخرى لتشارك معنا في صياغة مستقبل هذا البلد العظيم؟". مصر ليست بدعاً، بل في سورية الآن تقرض النيران الإرث الكبير للشام، هذا البلد الذي عاصر الدول الإسلامية المتعاقبة وتاريخ الخلفاء والأمم التي قد خلت وها هو إرثه وأبنيته تدمر! *بآخر السطر، ليست اليونسكو وحدها المسؤولة بل على العرب إيجاد صيغة أمنية لحماية أي متحف أو مكتبة أو جذر تاريخي من العبث الخطير. سورية في وجه عاصفة الضياع تراثياً، والعراق رهين السمسرة بالمتاحف والتراث والموروثات الثمينة، الأمل أن تحفظ مصر تراثها، لئلا يؤكل كما فُعل بجواهر العراق الثمينة وسورية..