تثير الأوضاع الراهنة للممتلكات الثقافية في سورية قلقا بالغا على الصعيد الدولي، فالعديد من المواقع التاريخية والأثرية أصابتها أضرار جراء النزاع المسلح، ومن بين هذه المواقع ممتلكات مدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، فضلا عن مواقع في القائمة الموقتة للممتلكات في سورية التي تم تعيينها تمهيدا لترشيحها للتسجيل في المستقبل. وتشير التقارير إلى أن العديد من المواقع الأثرية والمتاحف تم سلبها في سورية. مكتب اليونسكو في عمان ومن هذا القلق نظم أخيرا وبدعم من المكتب الفيدرالي السويسري المعني بالثقافة، ومنظمة اليونسكو في باريس، ورشة تدريب إقليمية لمدة أربعة أيام، وذلك لتعزيز الوعي والتعاون بغرض منع الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية السورية، وتعتبر هذه الورشة جانبا من مجموعة تدابير اتخذتها منظمة اليونسكو استجابة للأزمة التي تشهدها سورية، وتشمل مشاريع أخرى لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين في المنطقة. شارك في هذه الورشة ممثلون عن إدارات الجمارك والتراث من سورية ومن الأقطار المجاورة، بالإضافة إلى خبراء دوليين من بلدان مثل سويسرا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، استعرضوا الأوضاع الخاصة بالاتجار غير المشروع ونهب مجموعات من المحتويات الثقافية لسورية، وتستند أنشطة التدريب إلى الخبرة التي اكتسبتها اليونسكو في النزاعات وأوضاع ما بعد النزاعات في العراق وأفغانستان على سبيل المثال، مع النظر فيما يمكن أن يتخذ من تدابير ترمي إلى مواجهة التهديدات الجارية التي تتعرض لها الممتلكات الثقافية السورية. وقالت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا: "إن احترام الثقافة إنما يمثل جزءا لا يتجزأ من احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وعلينا أن نضم جهودنا بعضها إلى بعض من أجل صون التراث الثقافي السوري وحمايته"، وذكرت بوكوفا أن "جميع الأطراف المعنية مسؤولون ليس عن الخسارة المأساوية في الأرواح البشرية فحسب، وإنما ستتم أيضا مساءلتهم عن فقدان شواهد لا تقدر بثمن للتاريخ والإرث اللذين خلفتهما سورية لحضارة العالم". بينما أكدت نائب رئيس مجلس أمناء متحف الأردن الأميرة سمية بنت الحسن على أنه "لا بد من وضع سياق عالمي لمواجهة التحديات التي تؤثر بشكل كبير على التراث الثقافي في أوقات النزاع وذلك لضمان الحفاظ على تراث الأمم". وأضافت "يجب علينا أن نركز على أهمية المتاحف والمحفوظات، حيث إنها تشكل الحصيلة التاريخية للمعرفة المشتركة للأمة. موضحة، أن حماية الثقافة والتراث يعتبر جزءا مهما وحيويا في حماية الناس أثناء الأزمات، حيث إنه يوفر لهم موارد لا تقدر بثمن لإعادة بناء المجتمعات بعد انتهاء النزاع". من جانبها قالت مسؤولة مكتب اليونسكو في عمان آنا باوليني: "إنه من أجل الحفاظ على سلام طويل الأجل، فإن من المهم بمكان صون هوية الشعب الثقافية وتاريخه، وهما من الأسس التي تستند إليها الوحدة الوطنية لسورية. ومنظمة اليونسكو، باعتبارها الوكالة المتخصصة في منظومة الأممالمتحدة، ملتزمة كل الالتزام بالمساهمة في حماية التراث الثقافي السوري، وذلك من خلال تعزيز التعاون الإقليمي والدولي الذي يرمي إلى مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية".