إنها "الفرعاء" جنوب غرب "أبها"، يونيو 2002م، أما الحدث فهو: "الملتقى الطلابي الثاني"، الذي جمع طلاب الكليات الصحيّة من كافة أنحاء المملكة، كنت أتولى رئاسة اللجنة الإعلامية، وأشرف على تدريب طلاب الكليات الصحية من ذوي الميول الصحفية في النشرة اليومية للملتقى، فضلاً عن توثيق الفعاليات والنشاطات. كان المحور الأساسي للملتقى هو: "الإبداع في العمل الصحي"، وكان الداعية د. عبدالرحمن بن حمود السميط المتحدث الرئيسي، حيث إنه أبدع وانطلق بالرسالة الطبية إلى آفاقٍ أوسع، وحقق المفهوم الإسلامي من مهنة الطب، وصدف أن كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر لا تزال تخيّم على أوضاع العمل الدعوي في كافة أنحاء العالم، حيث تعرضت الكثير من المؤسسات الإسلامية للإغلاق أو التضييق، لأسباب كثيرة، أهمها تركيزها على العمل السياسي أكثر من النشاط الإغاثي، بينما استمرت "جمعية العون المباشر"، التي أسسها السميط، بسبب وضوح رسالتها، وشفافية عملها. وصل السميط إلى أرض الملتقى عصراً، عبر رحلة طويلة من أفريقيا إلى جدة ثم أبها، لكنه أبى إلا البقاء بين أبنائه الطلاب لساعات طويلة، يحدّث هذا، ويبتسم لذاك، وكنت قد اتفقت معه على حديثٍ لمجلة "البلسم" الطبية التي للتو بدأت رئاسة تحريرها، وكان لي شرف الجلوس معه لساعتين متواصلتين، أجاب فيها على الكثير، رغم أن بعض الأسئلة كانت تقليدية، ويمكن الحصول عليها من لقاءات سابقة، لكنه أصر على الإجابة عليها، وخصوصاً السؤال التقليدي عن كيفية انخراطه بهذا العمل العظيم، ما زلت أتذكر استذكاره الدائم لزوجة الشيخ جابر الأحمد الصباح، التي طلبت منه بناء مسجدٍ خارج "الكويت"، فكانت بدايته العظيمة بناء مسجدٍ في جمهورية "ملاوي"، ومنها انطلق للملايين من مسلمي أفريقيا، وتلك رواية تحتاج إلى الكثير من المقالات، رحم الله الرجل الذي كان أمّة وحده.