أكد كُتَّاب ومحللون سعوديون أن الشيخ الكويتي عبد الرحمن السميط قد غيَّر مفهوم الدعوة إلى الإسلام، حين ربطها بتنمية المجتمعات غير المسلمة لتكون التنمية مدخلاً للإسلام، راصدين سيرته العطرة، ومؤكدين ضرورة استلهام هذه السيرة، سواء في مجال الدعوة أو العمل الخيري التطوعي. وفي صحيفة "الشرق" يقول الكاتب الصحفي سعيد الدوسري: "لم أقابل هذا الداعية الشيخ الكويتي عبد الرحمن السميط في حياتي قط، لكنني كنت مستمعاً ومشاهداً وقارئاً شغوفاً بمسيرة عطائه الطويلة، وسيرته العطرة في مجال العمل الخيري والإنساني والإغاثي والدعوة إلى الله، ولِما لهذا الشيخ الجليل من أثر في نفسي، أعرف أنه رجل عظيم بدأ حياته بهمة ونشاط، كان همُّه الوحيد الدعوة إلى الله ونشر الإسلام في الأرض -رحمه الله- ودخل الإسلام على يديه أكثر من عشرة ملايين شخص في إفريقيا وحدها، بعد أن قضى أكثر من 29 عاماً ينشر الإسلام في القارة الإفريقية، ويعمل العمل الخيري والإنساني والإغاثي".
وتحت عنوان "دعاتنا: بشت السميط يقرئكم سيرته" في صحيفة "الوطن" يؤكد الكاتب الصحفي محمد المسعودي، أن الشيخ "السميط" قد غيَّر مفهوم الدعوة إلى الإسلام، حين ربطها بتنمية المجتمعات غير المسلمة لتكون التنمية مدخلاً للإسلام، ويقول: "بدأ الدكتور عبد الرحمن السميط -رحمه الله- العمل من خلال لجنة مسلمي إفريقيا في بداية الثمانينيات، على شكل مشاريع محدودة جداً، ببناء بعض المساجد في ملاوي. كانت أهدافه محدودة بتقديم بعض المساعدات، وبناء بعض المساجد، وحفر بعض الآبار. وعندما بدأت اللجنة تجوب البلدان، وتتوغل داخل القارة، وتكتشف أن المخاطر والتحديات كبيرة جداً من التعقيد والشراسة، أدرك حينها أن من المستحيل التفكير في دعم وترسيخ الهوية الإسلامية للشعوب الإفريقية دون العمل على تنمية "تلك المجتمعات"؛ لأن معظمها يعيش تحت خط الفقر والموت.. وذاك منعطف لتغيُّر مفهوم الدعوة لديه من دلالات "المصطلح التقليدي" إلى "فهم شمولي" للنهوض بالمجتمعات المسلمة الإفريقية نهضة شاملة".
ويضيف "المسعودي": "تتركز أعمال السميط الخيرية في إفريقيا وغيرها بأروع وأرحم صورة تذكرنا بما كان يقوم به الأسلاف، الذين نشروا الإسلام في جزر جنوب شرق آسيا وفي إفريقيا.. مارس دعوته بطابعها الإنساني الخالص وتكريس "مبدأ الرحمة" فاجتذب مئات الآلاف لخاتم الأديان.. فكان نادراً ما يقدم مبلغاً مالياً للفقراء، ولكنه كان يقدم مشاريع تنموية صغيرة كفتح بقالات، تقديم ماكينات خياطة، أو إقامة مزارع سمكية؛ لأنها تدرُّ دخلاً لهم، وتنتشلهم من الفقر، وغالباً تترك أثراً بالغاً في نفوسهم، ولتنتهي هداية للإسلام".
ويرصد "المسعودي" قائلاً: "كان يتساءل: ما الذي يمنع أن تُسلِمَ القارة كلها؟ ويجيب: الآن علينا عمل كبير نحاول أن نعلِّمهم الإسلام.. أنا عملت في أغلب الدول الإفريقية.. ورأيت كيف يدخل الناس في دين الله أفواجاً، في جنوب تشاد ثمانون ألفاً، في إثيوبيا خمسون ألفاً من قبائل بورانا، في شمال كينيا ستون ألفاً من قبائل الغبرا دخلوا الإسلام خلال سنتين فقط، ومن قبائل المساي ثلاثون قرية أسلمت عن طريق أيتامنا، الأمثلة كثيرة جداً.. المهم أن نستخدم الرحمة بالدعوة وب{ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ}".
وفي صحيفة "عكاظ" يتوقف الكاتب الصحفي خلف الحربي أمام أبرز الملامح في مسيرة ومنهج الدكتور "السميط"، ويقول "الحربي": "لم يكن مجبراً على تمضية أكثر من 30 عاماً من حياته في أفقر بلدان إفريقيا، حيث يضطر في بعض الأحيان إلى الانتقال من منطقة إلى أخرى سيراً على الأقدام ويواجه الأخطار غير المتوقعة، كان بإمكانه أن يستثمر هذه السنوات بشكل أفضل على الصعيد الشخصي، ولكنه رجل يبحث عن رضا الله ويشعر بمعاناة البشر المنسيين على هامش الكوكب، ويبذل كل ما في وسعه كي ينقذهم من الجوع والجهل والعطش والمرض".
ويضيف "الحربي": "قد يكون التحدي الأصعب في تجربة "السميط" -رحمه الله- هو العاصفة الدولية التي ضربت العمل الخيري الإسلامي بعد أحداث سبتمبر، حيث تم اتهام أغلب الجمعيات الخيرية الإسلامية بتمويل الإرهاب، ولكن "السميط" استطاع تجاوز هذه العاصفة بفضل الطابع الإنساني البحت لكل نشاطاته الخيرية في إفريقيا، وبسبب سيرته الرائعة القائمة على التعاون والتحاور مع الإنسان -أيا كان دينه أو ملته- بالإضافة إلى العمل المؤسسي البعيد عن الارتجال والمنقى من أي تسييس".
وعن المنهج يقول "الحربي": "لا يخفى على أحد أن "السميط" -رحمه الله- ساهم في دخول الملايين من غير المسلمين إلى دين الرحمة بفعل الخير والكلمة الطيبة، بينما يحاول غيره إخراج ملايين المسلمين من الملة بفعل الشر والكلمة الخائبة، هذا هو الفرق المهم بين نموذج "السميط" وبين غيره، فالإسلام دين بناء لا هدم، دين تعاون لا تناحر، دين إيثار وتفانٍ لا دين بحث عن المجد والمناصب، دين عمل الخير بعيداً عن الأضواء؛ ابتغاء لمرضاة الله تعالى".
ويطالب "الحربي" باستلهام نموذج "السميط" ويقول: "إن نموذج "السميط" ليس نادراً في ديارنا، فثمة الكثير من أهل الخير الذين يسعون بكل ما يستطيعون لإعانة الفقراء والمحتاجين في الداخل والخارج، ولكنهم يعانون صعوبات متعددة، أهمها الإجراءات البيروقراطية المعقدة ومزاحمة الجمعيات الخيرية الكبرى القائمة منذ القدم على الارتجال والبعيدة كل البعد عن العمل المؤسسي الحديث، أما أكبر التحديات فهو محاولات بعض الأطراف المؤدلجة اختراق النشاطات الخيرية".