بعض الناس إذا خفّ وزنه خفّ عقله، وإذا اتسم بالرشاقة اتصف بالحماقة، وإذا كان غيره ثقيل وزن فهو ثقيل ظل ودم وطينة، يتدخل في شئون غيره، ويسأل عما لا يعنيه، وإذا التقى بديناً لاحقه بأسئلته، وإذا أجابه مرة سأله مرات: كم وزنك، لِمَ وزنك زائد، لمَ لا تخفّف قليلاً، احذر الأمراض، تجنّب الدهون، دعك من السكريات، إياك والأرز والمشروبات الغازية، ألا تعلم أن السمنة أخطر على الجسم من الدخان، لمَ لا تعمل عملية ربط، أو تدبيس معدة، أو حرف مسار، أو شفط دهون، اعملها، ومارس الرياضة، دعك من الكسل، نصف ساعة يومياً لن تأخذ من وقتك الكثير... ؟! وهكذا أسئلة لا تنتهي، وأثقلها من لا تحلو أسئلته إلا في مناسبة عامة، يكون هو المُضيف.. وضيوفه متحلقون على الطعام، وكأنه يقول لهم حسبكم لا تأكلوا، أحدهم يقول: ألا تعلم أن السمنة أخطر على الجسم من الدخان، لمَ لا تعمل عملية ربط، أو تدبيس معدة، أو حرف مسار، أو شفط دهون، اعملها، ومارس الرياضة، دعك من الكسل، نصف ساعة يومياً لن تأخذ من وقتك الكثير مددت يدي لتناول قطعة حلوى فرمقني ثقيل بما ظاهره الشفقة، فلما تناولت أخرى جحظت عيناه، ولأن ثمة معرفة عابرة جمعتني به فقد أباح لنفسه مناصحتي، فلما مددت يدي لثالثة انفجر يخطب مذكّراً بالحمية وأهميتها، وهو لا يدري أنني مريض سكر أقاوم انخفاضه الحاد بتناول قطع الحلوى ! أيها الأوصياء الثقلاء، أيها الفضوليون المتطفلون.. ما شأنكم لتسألوا عمن زادت أوزانهم، هل اشتكوا لكم حالهم لتبذلوا لهم نصحكم، أم أنها الثرثرة والفضول الذي لا تدرون أنكم مصابون به، ولا تريدون أن تتداووا منه، ألم تعلموا أن الثقلاء المذمومين بكل لسان هم أمثالكم وليس من زادت أوزانهم، كم أخجل - يقول أحد البدناء مخاطباً ثقيلاً - وأنا أراك تتعرّى أمامي من اللباقة والأدب والذوق، كم أضيق ذرعاً بتطفلك - يقول آخر- وأنت تسأل عما لا يعنيك من شأني؟! وما يقال للرجل يقال للمرأة، وإذا كان الرجل أكثر ممانعة فالمرأة لا ممانعة لها، ومن السهولة اختراق قناعاتها، وكم من حسناء حُسدت لجمالها حين أفهمت أن وزنها في ازدياد، فذهبت تنحته نحتاً حتى غدت جلداً على عظم، وهي التي كانت تمدح برواء جسدها ونضارة بشرتها، أسئلة التطفل على أوزان الآخرين باتت بكل أسف من مكملات التحايا عند البعض، بحيث تجيء بعد السؤال عن الصحة والأهل والأبناء، ولكن دون أن يدرك أصحابها أن أسئلتهم فجّة وأنهم ثقلاء!