أعتقد أن هيئة حقوق الإنسان في المملكة تنهض، مثلها مثل جمعية حقوق الإنسان، بعمل عشر هيئات وجمعيات أخرى ما كان لها أن تنهض بها لو أن تلك الهيئات والجمعيات نهضت بدورها الذي كان من المفترض أن تنهض به، وهذا العمل بالإنابة عن هيئات أخرى هو ما يفسر لنا أن تتصدى الهيئة والجمعية لمسائل تتصل بالعلاقات داخل الأسرة كحقوق الوالدين على سبيل المثال أو لمشكلات بيئية بحتة كمستنقع الشبيلي الذي بات يهدد حياة السكان في المنطقة الشرقية. وعلى الرغم من أن هذه الاهتمامات يمكن لها أن تحسب في ميزان حسنات كل من الهيئة والجمعية وتزيد من رصيد تقدير الناس لهما، إلا أن من شأن مثل هذه الاهتمامات أن تفضي إلى تشظي مفهوم حقوق الإنسان وتربك عمل الهيئة والجمعية التي ينبغي لها أن تنصب على رعاية وحماية هذه الحقوق، وينتهي الأمر بأن يتم إفراغ مفهوم حقوق الإنسان من مضمونه وتحويل الهيئة أو الجمعية إلى فرع ملحق بحماية البيئة حينا وحينا برعاية الأسرة وفي أحيان كثيرة إلى مكتب للتعقيب على معاملات المواطنين في الدوائر الحكومية. ولا ضير علينا أن يكون لدينا هيئة وجمعية لحقوق الإنسان ما دامت هذه الهيئة وتلك الجمعية قد تعهدت كل منهما بالقيام بالدور الذي تنهض به المنظمات الراعية لحقوق الإنسان، ويظل الاختلاف في تسمية المؤسسة الراعية لهذه الحقوق، سواء سميناها منظمة أو هيئة أو جمعية خلافا في التسمية ما دامت على مختلف مسمياتها تتصدى للمهمة نفسها، غير أن الضير كل الضير إذا ما تسرب الاختلاف لمفهوم حقوق الإنسان التي ينبغي أن ترعاها تلك الهيئة أو هذه الجمعية رعاية لا تشغلها عنها أي انشغالات أخرى هي من صميم عمل هيئات ومؤسسات أخرى. باختصار، هناك مفهوم عالمي لحقوق الإنسان، كما أن هناك وظائف محددة ومقننة للمنظمات الراعية لحقوق الإنسان، وعلى الهيئة والجمعية لدينا أن ترعيا هذه الحقوق وتنهضا بهذه الوظائف، وإذا ما تبقى لديهما بعد ذلك فائض من الجهد والوقت يكون بإمكانهما الحث على بر الوالدين والعمل على حماية البيئة.