حين قررت وزارة العمل تطبيق نظام السعودة على كافة المؤسسات، صغيرها وكبيرها، شكا أصحاب المؤسسات وبكوا ونعوا مؤسساتهم التي زعموا أن قرار تطبيق نظام السعودة قد ألحق ضررا كبيرا بها، وأن هذا القرار أدى إلى إغلاق كثير من المؤسسات، رغم أن قرار السعودة لم يكن جديدا، وكل الذي استجد هو العمل به أو الجدية في تطبيقه. وحين قررت الدولة تطبيق نظام العمل، ومنع أي مخالفة لنظام الإقامة، جأرت نفس المؤسسات الكبيرة والصغيرة بنفس الشكوى، وأكد أصحابها أن قرار تطبيق النظام قد ألحق الضرر بمؤسساتهم وأدى إلى إغلاق كثير من هذه المؤسسات، وخصوصا الصغيرة منها، على الرغم من المهلة التي منحت لتصحيح أوضاع مخالفي نظام الإقامة ونظام العمل. وإذا لم يكن هناك من سبيل لإنكار أن تلك المؤسسات قد تضررت بالقرارين، أو بالأحرى بقرار تطبيق قرار السعودة وقرار تصحيح وضع العمالة، فإن على أصحاب تلك المؤسسات المتضررة أو المتأثرة أن يعرفوا ويعترفوا أن مؤسساتهم تلك قامت على أسس غير نظامية، وما كان لها أن تستمر إلا بتجاهل الأنظمة، ولذلك أدى تطبيق الأنظمة إلى إلحاق الضرر بها. على أصحاب تلك المؤسسات المتضررة ألا ينشغلوا كثيرا بما آل إليه وضع مؤسساتهم، بقدر ما ينبغي أن ينشغلوا بما كان عليه وضع تلك المؤسسات، وأن يدركوا أن الضرر الذي لحق بهم ليس ضررا ناتجا عن النظام أو عن تطبيق النظام، وإنما عن تجاهل النظام ومخالفته، وأن الخسارة التي يتعرضون لها إنما هي ثمن ذلك التجاهل وقيمة تلك المخالفة. وحين تكشف لنا المهلة التي منحت من أجل تصحيح أوضاع العمالة المخالفة عن أن مئات الآلاف من العمالة يتدفقون على سفاراتهم لتجديد جوازاتهم، ثم يتدفقون على مكاتب العمل والجوازات لتصحيح أوضاعهم، فإن ذلك لا يعني حجم عملية التصحيح فحسب، بل حجم ما كنا عليه من خطأ وما كنا نعيشه من فوضى. وإذا كان ثمة من درس يمكن أن نخرج به من هذه التجربة، فهو التأكيد على سيادة النظام وتطبيقه الصحيح مهما كان الثمن، ومهما كان حجم الخسائر وأعداد الخاسرين، فلم يلحق بنا الضرر شيء كما ألحقه بنا أولئك الذين يستسهلون مخالفة الأنظمة أو يوظفونها لمصالحهم الخاصة، فيطبقون منها ما يشاءون ويهملون منها ما يشاءون.