""المدعين"" و""المترصدين"" و""ستجد الشركة نفسها مرغمة على اتخاذ الإجراءات القانونية"" و""نبهنا""! هذا غيض من فيض تضمنه رد شركة أرامكو السعودية على خبر نُشر في هذه الصحيفة. الرد والنفي من حق الشركة، وكذلك نشره، وهو ما فعلته ""الاقتصادية""، غير أنه ليس من حق شركتنا، انتهاج لغة التعالي والتهديد والوعيد والتحريض، الذي لم يفاجئنا نحن الإعلاميين المطلعين على سياستها الإعلامية، بقدر ما فاجأ كل مَن قرأ الرد ولغته التصادمية. القصة وما فيها أن ""الاقتصادية"" نشرت خبراً عن منظمة الهاكرز ""أنونيموس""، التي هاجمت كبريات شركات النفط والغاز في المنطقة، وتضمن الخبر أن المجموعة ""ادعت""، ولاحظوا ""ادعت""، أن قائمة الأسماء والبريد الإلكتروني التي نشرتها يعود في جزء منها لموظفي شركة أرامكو، وكل من يفهم ألف باء الصحافة يفهم ماذا تعني كلمة ""ادعت"" عندما تنشر قبل معلومة ما، لكن الشركة في بيانها تجاوزت كل المعايير المهنية في التعاطي مع وسيلة إعلام سعودية تحترمها وتقدر دورها الوطني كثيراً. ربما هذا الرد الاستعلائي، الذي لم يتغير خطابه منذ كانت ""أرامكو"" قلعة حصينة قبل سنوات ولت، فرصة لأن تراجع شركتنا الموقرة علاقتها مع وسائل الإعلام السعودية، نحترم كثيراً ""أرامكو""، وفي الوقت نفسه نرى أن تعاملها مع الإعلام لا يتواكب، إطلاقاً، مع نجاحاتها في إدارة الشركة بمجالاتها الأخرى، وبعيداً عن التغييرات المستمرة في مسؤولي العلاقات العامة خلال السنوات الخمس الماضية، التي تشي بمشكلة فعلية في هذه الإدارة، فمن الضروري إعادة النظر في فكر أكل عليه الدهر وشرب، ولا تزال تستخدمه الشركة حتى يومنا هذا. محزن كثيراً تعاطي ""أرامكو"" بهذه العقلية مع وسائل الإعلام، المحلية طبعاً وليس العالمية، تترفع عن الرد عليها، تتجاهل اتصالاتها، لا يوجد لديها متحدث رسمي، كما يلزمها قرار مجلس الوزراء، وفي نهاية الأمر حتى ردودها تحمل من الغرور ما لا نجده، كوسائل إعلام، في أي وزارة أو منشأة سعودية، بل لا أبالغ أن طريقة الرد ""الأرامكوي"" لم نجدها من أي جهة سيادية في الدولة، فمن متى يجوز ل ""أرامكو"" ما لا يجوز لغيرها؟! للتذكير، فصحيفة رصينة مثل ""الاقتصادية""، لا يمكن أن تتعامل مع ""أرامكو"" بتعاملها نفسها، ولا يمكن أن يكون رد فعل الصحيفة من مبدأ رد الصاع صاعين، أبداً، فالصحيفة تفرّق بين دور عملاق النفط العالمي وبين مَن يديرون سياستها الإعلامية الاستعلائية، لكن ""الاقتصادية"" أيضاً لا تنتظر من أحد أن يقدم لها دروسا في الوطنية مثل ما هو ضروري ل ""حماية المصلحة العامة وغلق الطريق على المدعين والمترصدين لصروح اقتصادنا الوطني""، كما جاء في رد الشركة، فهذه العبارات البالية لا تناسب ""أرامكو"". يمكن القول إنه رد يناسب عقلية منتصف القرن الماضي وليس ونحن في عام 2013، وهنا لا بد من التذكير أيضاً أنني قمت شخصياً بالاتصال بمسؤول كبير في ""أرامكو"" فور وصول رد الشركة، وقبل نشره، غني عن القول إنه حتى وقت متأخر من البارحة لم يتم الرد على اتصالي! بقي أن نشير إلى تهديد ""أرامكو"" ب ""اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة""، وعلى الرغم من عدم معرفتنا مناسبة هذا التصعيد، أو أسبابه، أو مبرراته، فإننا نؤمن بأن التوجه للقضاء مبادرة إيجابية نحرض على القيام بها، وكل ما تنشره الصحيفة لديها من الدفوع القانونية ما تحصن نفسها بها، لكننا نتمنى أن تواصل الشركة خطواتها القانونية هذه ضد وسائل إعلامية دولية اتهمت الشركة باتهامات خطيرة وحساسة، غير أن الشركة لم تكلف نفسها حتى عناء الرد وليس مقاضاتها!