حسنا فعلت حكومة الكويت بإعلانها اتخاذ إجراءات قانونية ضد من يتسبب في زعزعة الأمن والمساس بالوحدة الوطنية، وذلك – حسب تعبيرها – بعد ما شهدته الساحة المحلية أخيرا من مظاهر وممارسات مستنكرة تمس الوحدة الوطنية. كما أن مجلس الأمة في الكويت أصدر الخميس الماضي بيانا استنكر فيه جميع «الدعوات الضالة» لاستغلال ما تشهده سوريا من أحداث بالتحريض على إثارة النعرات الطائفية وتقسيم المجتمع وتهديد أمنه وكيانه، داعيا للوقوف صفا واحدا لمحاربة الفتن والمحافظة على الوحدة الوطنية. كتبت في الأسبوع الماضي حول التصعيد الطائفي في المنطقة العربية وفي الخليج تحديدا والهيجان الأعمى الذي يشارك فيه الجميع عن قصد أو جهل، وتلقيت سيلا من الاتصالات والرسائل والتعليقات تبحث عن المخرج، وكيف يمكن للحكماء من أبناء الوطن العمل على تجاوز هذه الأزمة. الموقف السياسي للمملكة ودول الخليج مما يجري من صراع في سوريا معروف وواضح للجميع منذ بداية الأزمة هناك، لكن الإسقاطات الطائفية التي يريد البعض أن يجر المجتمعات الخليجية إليها هي مكمن الخطورة في الموضوع. يتفق الجميع أن آثار هذا التجييش الطائفي ستكون سلبية على مختلف المستويات، خاصة أن هنالك من يربط بين التطورات الإقليمية في المنطقة بقضايا محلية هي أبعد ما تكون عنها، فهو يسعى بصورة أو بأخرى إلى نقل المعركة للداخل الخليجي لتبدأ كلاما وشعارات ثم تنتهي إلى صدامات محتملة. في ظل هذا التوتر السائد في المنطقة بدأ البعض ينظر لحرب طائفية قادمة، بعد انتهاء المعركة القومية – الدينية من أجل إبقاء هذه المنطقة مشلولة ومعاقة عن أي تطور وتقدم يضمن لأبنائها الحرية والاستقلال وخاصة بعد أحداث الربيع العربي. لا بد إذن من خطوات جادة تساهم في تعزيز اللحمة الوطنية، والوقوف أمام حالات الشحن والتجييش والتعبئة ضد المواطنين حتى ولو اختلفوا في الرأي والموقف من هذه الأحداث. وفي هذا الصدد كتب قاضي المحكمة الجعفرية بالقطيف الشيخ عبدالله الخنيزي نداء وطنيا طالب فيه المسؤولين في الدولة بالعمل على تجنيب الوطن آثار الحملات الطائفية المغرضة والمشينة. على المؤسسات التشريعية في منطقتنا مهمة القيام بتقنين العلاقة بين المواطنين بصورة تصون الوحدة الوطنية وتجرم كل من يمس بها، كما أن من المهم أيضا قيام السلطات التنفيذية بمحاسبة من يتجاوز هذه الأنظمة والتشريعات قولا أو فعلا. كما أنني أشير هنا إلى مسؤولية القائمين على مختلف وسائل الإعلام الذين لا يزالون يدفعون بالأمور إلى مزيد من التطرف من خلال ما ينشر من مقالات طائفية، واستبعاد ما من شأنه لم الشمل وتوحيد الموقف وتهدأة الأجواء. إن مراعاة المصلحة الوطنية العامة تستوجب عدم الانزلاق في مستنقعات الطائفية الكريهة، وعدم الانجرار إلى هذه الاستفزازات المتواصلة، بل المطلوب هو التحلي بالحكمة واتباع نداء العقل بعيدا عن أهواء ودعوات الطائفيين أيا كانوا.