التوسع الكمي في مسيرة التعليم العالي تسير بشكل جيد بأكثر من 32 جامعة محتوية على أكثر من 200 كرسي بحثي تم تمويلها بأكثر من 750 مليون ريال فضلا عن تأسيس برنامج رائد للابتعاث حصيلته حتى الآن تخرج 47 الف مبتعث ومبتعثة. خطط التوسع الكمي السابقة يجب أن تصاحبها خطط للتوسع النوعي في التعليم العالي حيث الواقع الحالي أصَّل لثقافة الشهادة أكثر من تأصيله لثقافة بناء القدرات والنتيجة الفجوة المتحققة بين ما يتم تعليمه للأجيال وواقع سوق العمل والاقتصاد الوطني مفرزة أنواع متعددة من البطالة. في ظل هذا الواقع لا بديل عن تأسيس هيئة لتقييم واقع الجامعات من حيث المخرجات وإنعكاس الأبحاث الأكاديمية على التنمية ونسبة مساهمة الجامعات في ضخ كفاءات وطنية للاقتصاد السعودي كل ذلك وأكثر يحتم تقييم التخصصات الأكاديمية ومدى احتياج سوق العمل لها وإيقاف هدر الموارد وأوقات الأجيال في تعلم تخصصات لايحتاج إليها سوق العمل ولا تتناغم مع متطلبات الاقتصاد الوطني ولا تحقق لهم فرص العمل الحر. المطلوب الآن إنشاء هيئة عليا أو أي كيان آخر تشارك في عضويته قيادات من مؤسسات التعليم العام والعالي ووزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة المالية والهيئة العامة للاستثمار يتم من خلالها رسم رؤية مستقبلية واقعية للاقتصاد الوطني ومن ثم تهيئة الأجيال في مؤسسات التعليم العام والعالي لمثل هذه المهام فالحاضر يشير إلى أهمية الصناعات الرقمية وظهر على السطح مؤخراً الإعلان والإعلام الرقمي وشبكات التواصل الإجتماعي وما ارتبط بها من صناعات ساهمت في تسهيل الوصول إلى الفضاء الإليكتروني ممثلة في الحواسيب اللوحية والهواتف الذكية وزيادة الطلب على التطبيقات المرتبطة بالهواتف الذكية وربما المستقبل يشير إلى أنماط جديدة للصناعات المرتبطة بالفضاء الافتراضي كل ذلك يحتم بدء الهيئة العامة للاستثمار بإعداد الحوافز الملائمة لاستقطاب مثل هذه الشركات المتخصصة في صناعة الحواسيب في المدن الاقتصادية التي بدأتها قبل عدة سنوات وعليها توظيفها بشكل عملي؛ وعلى أن تقوم وزارة التعليم العالي بتأسيس هيئة أو شركة ربحية مهمتها الأساسية استقطاب فروع لأفضل الجامعات العالمية من الشرق والغرب ومراكز الأبحاث المتقدمة حتى يمكن رفع جودة مخرجات التعليم العالي التي يمكن أن تعمل في مثل هذه الشركات وفي نفس الوقت إتاحة فرص الابتعاث الداخلي حتى تساهم فروع مثل هذه الجامعات في الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي الوطني خلال عقد أو عقدين من الزمان فضلا عن توطين التقنية بشكل عملي ومواجهة تحديات المستقبل لاسيما وأن البحث عن بدائل للوقود الأحفوري تسير باتجاه متقدم ومن حق الأجيال أن نحفظ لهم حياة كريمة عمادها الإنتاج والإبداع والابتكار.