يقول رئيس وزارء سنغافورة الأسبق لي كوان يو "خلفنا وراءنا مشاكل الفقر التي يعاني منها دول العالم الثالث، لكن سيتطلب الأمر جيلاً آخر قبل أن تبلغ فنوننا وثقافتنا ومعاييرنا الاجتماعية مستوى البنى التحتية التي أقمناها على نموذج العالم المتقدم الأول". عمل لي كوان يو على تبني المواهب المحلية واستقطاب المواهب من خارج سنغافورة لتساهم في تحسن النتائج في القطاعين العام والخاص، وعمل على تشكيل لجنتين تعنى الأولى بالعثور على وظائف ملائمة لهم والثانية بآليات دمجهم اجتماعياً، ما حدا به بعد انتهاء فترة الاستئجار البريطانية لأراضي هونج كونج وعدم وضوح مستقبل مواهبها وكفاءاتها الى الطلب من حكومة هونج كونج استفادة سنغافورة من تلك المواهب، وكان نتيجة تلك السياسات التي اتبعها ارتفاع متوسط دخل الفرد من 1000 دولار عند خروج الاستعمار البريطاني الى 30 ألف دولار حالياً وقيادة سنغافوريين لشركات يابانية وحول العالم. جهود لي كوان يو تمثلت في الاستفادة من مختلف تجارب الدول التي سبقتها في التحديث وتلك الخارجة من حطام الهزيمة والإحباط الى التقدم كاليابان فأسس مركزاً للدراسات اليابانية في جامعة سنغافورة وأعد جزيرة ذكية متصلة بواسطة الآلياف البصرية ومرتبطة بشكل مباشر بمراكز المعارف والعلوم في مختلف دول العالم وتكثيف تدريس العلوم والرياضيات والحاسوب ونتج عن سياسات إصلاح التعليم تلك حصول جامعة سنغافورة الوطنية على المرتبة 29 في تصنيف التايمز 2012 وتأسيس 300 معهد أغلبها لشركات مع أن عدد سكان سنغافورة 4.5 ملايين نسمة فضلًا عن ابتعاث 20 ألف طالب سنوياً والتخطيط لاستقبال 150 ألف مبتعث في سنغافورة العام 2015. ما حققته سنغافورة وغيرها من دول الشرق الأقصى يحتم علينا الاستفسار دوماً عن واقع مواهبنا الوطنية وأهمية اجتذاب أخرى من مختلف دول العالم ولن يتحقق ذلك بالانفاق العالي على البنى التحتية مع أهمية ذلك الانفاق بل بإصلاح التعليم والإنفاق المباشر على أقطاب العملية التعليمية لا سيما المعلمون وتهيئتهم نفسياً وماديا ومعنوياً لهذه المهمة العظيمة وتكريمهم بما يستحقون وكذلك بالإنفاق العالي على المواهب والمبتكرين وبحث سبل رفع كفاءة الابتكارات السعودية وتوجيهها للمستقبل. المطلوب الآن مع عودة الأجيال إلى مقاعد التعليم أن نحدد ماذا نريد منهم؟ وماهي القطاعات الاقتصادية المستهدفة بالتطوير والمراد زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي والقطاعات الاقتصادية التي يجب استحداثها وعلى إثرها ان يتم تطوير المناهج واستحداث أخرى في التعليم العام والعالي. وأما عن مواهبنا الوطنية فليس مكان نقاش أن نقول: إن لدينا مواهب على درجة عالية من الإبداع والقدرة على التميز ولكن من المهم ان نقول: إنها بحاجة الى رعاية واهتمام حتى لا تنضب أو تتصحر نتيجة إهمال تعريض تلك العقول إلى عدد كبير من الأفكار بشكل مستمر للمحافظة على منسوب الابداع وإطلاق مشاريع النوعية في مختلف المجالات، فهل سنتحرك لصناعة أجيال منافسة عالمية؟