ثمة رموز مصطنعة تدحرجت إلينا من عالم الثمانينيات المرتبك محلياً بعد أن بنت مجدها الشخصي والإعلامي على صراع ديكة مثقلة ببدائية وعي. وأظن أن الدكتور عبدالله الغذامي مثال حي على ذلك؛ فهو -أساساً- كان يُصارع في الثمانينيات مجموعة مطاوعة دراويش لا يفهمون شيئاً في النظريات الغربية التي كان يرددها بترف مبالغ فيه، وبالطبع كانت له منفعته الخاصة من رواج الصراع كي تستمر اللعبة وتُصفق الجماهير البائسة، وأولئك المساكين بدورهم أيضاً -أي المطاوعة- كانوا يعتقدون أنهم يذبون عن محارم الله بمواجهة الغذامي؛ فاكتملت بذلك معادلة الصناعة. الغذامي المفكر ساعة والمتقلب مع الرياح في أغلب الساعات؛ هو نتاج لتلك المرحلة المختلة التي قامت على مفاهيم فكرية خاطئة تماماً، وعلى أكذوبة كبرى من صراع نظري بين مجاميع لم تكن تفهم من الحياة إلا قناعاتها الشخصية، وترديد ما لا يفهمه الخصم المفترض. في النهاية بنى كل طرف -ومنهم الغذامي- مجده الشخصي على أخطاء وربما غباءات الطرف المقابل له، وحينما وصلوا إلى عالم اليوم الذي تجاوزهم؛ بدأوا في تقمص أدوار الكبار الذين يتصالحون مع بعضهم كي يقول عنهم الناس: ويبقى الكبار كباراً، وأصبحوا يترفعون (بزعمهم) عن الرد على ما يثار حولهم من آراء قد تكون صحيحة. لكن الواقع أن ذلك ليس ترفعاً بل هروباً من انكشاف الطقس الهش برمته؛ فالقارئ لم يعد يطأطئ رأسه إعجاباً بكل ما يقرأ من غرائب المصطلحات. عمنا حمزة المزيني وكذلك الساخر خالد السيف كتبا هنا ما يستحق أن يكون حواراً جاداً وخلاقاً؛ لكن يبدو أنهما دون قصد منهما روعا الدكتور فتولى مغضباً كالعادة!!