حديث البطالة لا ينقطع ولن تمل الأقلام أو المجالس تكراره حتى تنقضي هذه الحالة الاقتصادية والاجتماعية والشخصية المقيتة، وهي للأسف حالة تتأزم مع ضيق المنهج التنظيمي لاستيعابها كآفة اقتصادية لم تفلح برامج وزارة العمل حتى الآن في السيطرة عليها وإخضاعها لنظام واقعي متوازن يوفر وظائف حقيقية يستوعب فيها الشباب، رغم أن هناك دولا كثيرة تمتلك برامج للتعامل بصورة آلية مع نمو أعداد الباحثين عن العمل، وفي الولاياتالمتحدة تلعب أرقام التوظيف التي يتم الإعلان عنها دورا مهما في حركة الأسواق والمزاج الاقتصادي العام. لا اعتقد أن وزارة العمل نجحت في توفير الوظائف وجهدها الحالي إنما هو جهد المقل الذي لا يتناسب مع تخصصها، تماما كما هو حال وزارة الإسكان التي لم توفر طوال عامين مساكن تمتص النسبة الثابتة لعدد الذين لا يمتلكون منازل وهي 60 بالمائة، ولكن عدم الحصول على عمل أخطر المشكلات التنموية وأرجو أن تكون وزارة العمل مدركة لذلك، فهناك وظائف مهدرة وأخرى غير مشغولة بالآلاف كما أشار اليها مجلس الشورى الأسبوع الماضي والوزارة المعنية تسير عكس التيار باتجاه برامج نظرية لم تخضع لدراسات كافية فتتفاقم المشكلة ويكون حصادها في خاتمة المطاف «محلك سر». لا اعتقد أن وزارة العمل نجحت في توفير الوظائف وجهدها الحالي إنما هو جهد المقل الذي لا يتناسب مع تخصصها، تماما كما هو حال وزارة الإسكان التي لم توفر طوال عامين مساكن تمتص النسبة الثابتة لعدد الذين لا يمتلكون منازل وهي 60 بالمائة، ولكن عدم الحصول على عمل أخطر المشكلات التنموية وأرجو أن تكون وزارة العمل مدركة لذلك و»محلك سر» ذات عمق عسكري يتعلق بالانضباط الذي يوصلني إلى رسالة وردتني من قارئ لمقالي الأسبوع الماضي الذي تحدثت فيه عن البطالة وحالة اليأس التي يعيشها المجتمع جراء تضخمها بلا حلول، وقد اقترح القارئ الكريم تطبيق النموذج الكوري الجنوبي في مجال حل مشاكل البطالة، حيث ذكر أن الطالب بعد تخرجه من المرحلة الدراسية التي تسبق دخول الجامعة هناك يتم انخراطه في المعاهد الفنية العسكرية لمدة تصل الى ثلاث سنوات يتخرج بعدها وهو في قمة انضباطيته السلوكية والفنية بل والعسكرية، وبهذا تضمن الحكومة الكورية وجود أكفاء فنيا وعسكريا، وهنا يتم تخييرهم بين العمل العسكري أو التجاري على أن يكون ضمن الصفوف الاحتياطية متى دعت الحاجة اليه عند أي تهديد قد يحدث لهم. وبغض النظر عن الفكرة العسكرية من المهم النظر الى أن ضعف ثقافة العمل إحدى أبرز وأهم وأسوأ المشكلات التي تتعلق بالبطالة، حيث ينتج عنها عدم الالتزام بالواجبات المهنية والقلق وعدم الأمان الوظيفي الذي يجعل الموظف يتنقل بين الأعمال بما يضر مصلحة العمل وبالتالي تتولد عدم الثقة في الموظف، ولأن وزارة العمل لم تضع في اعتبارها فكرة تطبيق برامج خاصة بتأصيل ثقافة العمل، فلا بد أن تفشل برامجها، ولكن يمكن إدراك الأمر بحسب التجربة الكورية حيث تشير تقديرات الوزارة الى وجود نصف مليون عاطل ولو تم تبني فكرة المشروع الوطني للنموذج الكوري الجنوبي يعتبر عددا قليلا يمكن احتواؤه والقضاء على البطالة وإتاحة الفرصة للعنصر النسائي في العمل بأريحية في المجالات الإدارية بل والصناعية التي توفر الفرصة الوظيفية فيها سبع وظائف إضافية، أما سياسية الترقيع وضم أسماء وهمية في التأمينات الاجتماعية ومكاتب العمل بغرض زيادة نسبة السعودة مقابل عائد مادي ضئيل على حساب فرصة توظيفية حقيقية لمواطن يحتاج الى التوظيف الفعلي فهذا تجنّ مؤكد، علماً بأن عدد العاملين في القطاعات العسكرية السعودية لا يتواءم وحجم عدد سكان المملكة ومساحتها. ومما يؤسف له أن وزارة العمل لا تملك الأرقام الحقيقية للبطالة بسبب فوضوية آلية عملها التراكمي، وذلك ما يجعل ذلك القارئ يشير الى أنه لن يصلح الحال إلا بمشروع وطني تتولاه الدولة ممثلة بالقيادة السامية يتجاوز معوقات البطالة والتي يشترك في تعطيلها للأسف الشديد رجال الأعمال السعوديون (والمتسعودون) والمستثمرون الأجانب فضلا عن شريحة أطلق عليها (الشريحة السوداء) ويقصد بها تجار التأشيرات وهؤلاء جميعا عاثوا فسادا في ازدياد رقعة البطالة والتي أصبحت قنبلة قابلة للانفجار في أي وقت، ولذلك في تقديري أن المشكلة أكبر من إمكانيات الوزارة ولا بد لها من حل وطني أوسع يضع في الاعتبار تجارب الآخرين في المعالجة على النسق الكوري.