قبل عدة سنوات كنت في منزل الشيخ عائض القرني واطلعت على عدد من الكتب التي ألفها والمحاضرات التي جهزها والبرنامج التلفزيوني الذي استعد له وكان كل ذلك في وقت يعتبر «قياسيا» بالنسبة لي، فسألته : كيف تستطيع إنجاز كل هذه الأمور بهذه السرعة، فرد علي بجواب طبقته واستفدت منه كثيراً بعدها، حيث قال : للنفس إقبال وإدبار في الإنجاز ، فإذا أدبرت نفسك عن إنجاز فلا تعاندها، وإذا أقبلت عليه فلا تتوقف عن العمل. «الإنجاز» كلمة عظيمة يقاس بها عمرك الحقيقي، فنحن في هذه الحياة كالسباحين في بحر تتلاطمه الأمواج العاتية، وفي أعماقة لؤلؤ الإنجاز ، والغواص الماهر من يقتنص الؤلؤة الكبيرة، ومنهم من يكتفي بلؤلؤة صغيرة، وللأسف هناك من ينهي رحلة السباحة منهكاً بلا إنجازات ! تعوّد في كل يوم أن تسأل نفسك سؤالين، ففي الصباح قل لها : ماذا سأنجز اليوم ؟ وفي المساء : ماذا أنجزت اليوم ؟ فالإنجاز ثقافة يومية نقوم بها بمجموعة من الخطوات الصغيرة نحو الإنجازات العظيمة. تعلم فن «المبادرة» فالمنجزون لا ينتظرون اللؤلؤة على الشاطئ بل يبادرون بالغوص ليبحثوا عنها وكما يقول الطيار الجوي الأمريكي إلينور سميث : ( استغرق الأمر طويلاً حتى أدركت أن أصحاب الإنجازات نادراً ما يجلسون في انتظار ما يحدث من أمور، إنهم يبادرون أولاً ويصنعون الأحداث التي يريدونها بأنفسهم ). المنجزون يتخيلون ثم ينطلقون، فعليك أن تتخيل وتحلم بإنجازك أولاً ، ثم تنطلق إليه مهما كانت المعوقات، وتذّكر إن الصعوبات التي تعترض أي إنجاز ترفع من قيمته وتزيد في لذته. الموهبة والذكاء لا يصنعان إنجازاً بمفردهما، فالعمل يصنع الإنجاز ، والذكاء والموهبة ترفع قيمة هذا الإنجاز ، والصينيون يرددون دائماً : ( الذي يستيقظ قبل الفجر لمدة 360 يوماً في السنة لن يخفق في صنع الثراء لعائلته ). لا تنزعج من العبارة التي تقول : ( نحن نعيش في عالم غير عادل في توزيع الفرص )، لذلك عليك القتال في حفر البئر الوعرة للحصول على الفرصة العذبة ، حتى وإن كانت تصل إلى جارك عبر الصنبور . خالط من يحبون الإنجاز ، وابتعد عن «المتبطحين» الذين يجيدون فقط القدح بإنجازات الآخرين، واعتبر كل إنجاز تحصل عليه هو قاعدة صلبة لإنجاز أعظم، واستفد من عيوب إنجازاتك ولا تنشغل في الدفاع عنها ، وتذكر إن أديسون يقول : ( كل عمل تقوم به يوجد طريقة أفضل للقيام به ) . فتش عن دوافع الإنجاز في نفسك وأعد إشعالها من جديد ، فنحن كائنات نشعر بالرضا عندما ننجز ، واحذر أن يكون عنوان إنجازك «إنجاز الفشل» .