في دراسة قيمة عرض الباحث محمد محمود عبد العال التجربتين الأمريكية والماليزية في التعامل مع التعددية في المجتمع. وفي مقدمة البحث عرض للتعددية العرقية أو الدينية أو اللغوية كظاهرة كونية كانت لها آثار سلبية على الأقليات في بعض الدول أو أن تلك الأقليات قد تكون مصدر الضرر. ويحدد الأزمة في التمايزات السياسية والاقتصادية مما يحول دون اندماجها في المجتمع. ثم يحدد الحل في نجاح الحكومات في اتخاذ سياسات تكفل دمج الأقليات دمجا قوميا في إطار مفهوم الأمة الواحدة، وذلك بتحقيق أعلى موجة ممكنة من المساواة وعدم التمييز، وبث قيم المواطنة والتعايش والتنوع في إطار الوحدة. وتحدث عن دور الدولة في تحقيق المساواة، ودور الأقليات في الاندماج. وشدد على دور النخب السياسية والفكرية والثقافية وما تبثه من قيم وأفكار وحدوية تجمعية أو انقسامية انفصالية تشرذمية. ثم فصل في أسباب التشرذم وطرق الوقاية منها. وبين نماذج في العلم مهيئة للانفصال. وتوسع في دراسة التجربة الماليزية في استيعاب التعددية برسم الخارطة العرقية لماليزيا وتايخها الدموي. والخطوات التي استخدمتها الحكومة لتجعل من ذلك التنوع ثراء بدلا من التنازع. ولعل ما تجله في التجربة الماليزية هي إقرار قادتها بالمشاكل التي حدثت منذ استقلال ماليزيا في نقد ذاتي بناء. تحققت العدالة الاجتماعية وتم استيعاب الثقافات المختلفة كثقافات وطنية، وقبول الأديان الأخرى. وبهذا تم انتشال ماليزيا من الفقر والجهل ومن دول مصدرة للمواد الخام إلى دولة صناعية غنية (82% من صادراتها مواد مصنعة). ثم عرض للتحديات واستراتيجيات مواجهتها. أما في سياقه للتجربة الأمريكية الأكثر عمقا والأطول عمرا فقد تحدث عن حق تقرير المصير ثم تحدث عن الأعراق والديانات واللغات وتاريخ الصراع مع بريطانيا وصراع الداخل. ثم تحدث عن الدستور الأمريكي الذي جاء لصالح كل الأمريكيين والنموذج الكونفدرالي للحكم وفصل السلطات. البحث يستحق الاطلاع على كل من يعنى بوحدة الوطن سواء النخب الثقافية، أو رجال الدين أو الأقليات أو مركز الحوار الوطني. علينا أن نستفيد من تجارب غيرنا وأن نقف حصنا منيعا ممن يحاول أن يقسم الوطن إلى مواطنين وخونة أيا كانت حجته.