سوف يتم قص رأسك غدا. تصور أن تتلقى هذا الخبر وأنت قابع داخل السجن في انتظار حكم الإعدام (حمانا الله جميعا من هذا المصير). أجدني للمرة الثانية أتطرق لمثل هذا الموضوع حاملا لوما كبيرا لمن يتسامح في تمرير خبر تنفيذ القصاص، ولأن المقال السابق لم يجد تجاوبا ففي هذه المرة أخاطب جمعية وهيئة حقوق الإنسان لأن تتحركا بمنع مثل هذا الاعتداء النفسي على المحكوم، وقبله التعدي على ذويه ومحبيه. فالمحكوم قد صدر بحقه حكم قضائي بالقصاص لكن ليس من حق الناس تناقله في مواقع التواصل الاجتماعي. وكأن موعد القصاص موعدا لإقامة مباراة جماهيرية .. فهذا لايصح بتاتا فقد تم تداول خبر قص الشاب الذي اصطلح على تسميته السجين اليتيم، بإعلان موعد التنفيذ، وهذا يتنافى مع المنطلقات الإنسانية، إذ أن الأمر لايتعلق فقط بالمحكوم فهو شخص له أهل وأصدقاء وأحباء، ولا يفترض أن يفجعوا بمثل هذا الخبر، وإن جاز النظام إعلامهم فلا أعتقد أن النظام يجيز تعميم موعد القصاص، وإعلانه على الملأ. حيث تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي التقاء أحد المحكومين بالقصاص بذويه مشيرة إلى أنه الوداع الأخير لأن تنفيذ القصاص سوف يتم يوم الثلاثاء .. هكذا ومن غير تحرز لأي مشاعر سواء كانت مشاعر المحكوم عليه، أو ذويه. وإذا كان ديننا الكريم العظيم يمنع إخافة الذبيحة من أن تريها شفرة الذبح (هذا في ذبيحة) فكيف يتداول الناس موعد قصاص، فالإعلان عن زمنه أشبه بمن يشهر آلة القص في وجه المحكوم قبل أوان التنفيذ بزمن . فهل يحق لنا مطالبة هيئة وجمعية حقوق الإنسان أن تتدخلا بمنع مثل هذه الإعلانات السابقة على وقتها، وأن تتدخلا لمنع تداول خبر تنفيذ القص قبل موعده . فقد ألفنا سماع خبر العقوبة بعد تنفيذها أما تداولها قبل تنفيذها فهو إضرار بالغ القسوة بالمحكوم وبأهله وأحبائه. وإذا أردت أن أختم هذه المقالة فإنها لن تبتعد عن المحكوم عليه بمخاطبة أصحاب الدم، وهم أعلم بأجر من يعفو ويحتسب الأجر على الله، وهم أعلم مني بأن من فرج كربة مسلم فرج الله عليه كربة من كرب الآخرة، وأن عتق الرقبة يعد إحياء نفس بشرية، وأن جزاء من أحيا نفسا كأنه أحيا الناس جميعا، فأي فضل يحصل عليه العافي، فيا أهل الميت قد مات ولدكم وليكن ثمن موته إحياء الناس جميعا، والتقرب إلى الله بإعتاق رقبة قاتله فهو أجر عظيم إذ أن قتل خصمكم تكونون أخذتم حقا من غير أن يعود ابنكم إليكم أما إذا عفوتم فتنالون رضا الرحمن، وتحيون الناس جميعا (ومن بين الأحياء ابنكم). اللهم فرج كربة المحكوم، وأوصل أصحاب الدم إلى الرضا بالعفو. اللهم آمين.