الرفض القاطع للتصنيف الخادع ..!

الأرقَام والإحصَاءَات تَخدع أحيَاناً، لأنَّها تَفتح البَاب عَلى مَصراعيه للانتقائيّة، أو البَحث عَن المَزيد مِن المُبرِّرات، ليَعتقد مَن يُراوح مَكانه بأنَّه يَتقدَّم إلَى الأمَام..!
خُذ مَثلاً، التَّصنيف الذي صَدَر قَبل أيَّام للدَّوري السّعودي، الذي مَنحه المَركز الثَّاني والأربعين عَالميًّا؛ مِن بَين أكثَر مِن 130 دَورياً في العَالَم، فلَو عُدنَا للتَّصنيفات السَّابقة؛ التي كَانت تَضع المُنتَخب السّعودي "تَارة" في المَركز الثَّلاثين، و"تَارةً أُخرَى" في المَركز العشرين، وأكثَرها غَرَابَة؛ ذَلك التَّصنيف الذي وَضعه في المَرتبة ال16 عَالميًّا.. ولَو عُدنا إلى تِلك التَّصنيفات المُسلّية، لاكتَشفنا أنَّ الأمر بحَاجة إلَى مَزيدٍ مِن التَّحليل..!
إنَّ آخَر تَصنيف صَدَر في مَطلع هَذا العَام المِيلادي، وَضَعَ المُنتخب السّعودي في المَرتبة ال118، حَيثُ شَفعت لَه مُبَاراة الأرجنتين الخَادِعة بالتَّقدُّم 8 مَراتب مُنذ آخر تَصنيف، وإذَا كَانت مَعايير تَصنيف الأندية تَختلف عَن تَصنيف المُنتخبَات؛ فذَلك لا يَسلبنا حَقّ التَّساؤل عَن تَفوّق الدَّوري عَلى المُنتخب..!
ورُبَّما يُشاطرني القُرَّاء الحيرَة حَول هَذا المَأزق، الذي يُؤكِّد تَفوّق الهَامش عَلى المَتن، لأنَّهم يَعلمون بالضَّرورة؛ أنَّ كُلّ لَاعبي الأندية تَحت تَصرُّف المُنتخب الوَطني، أي أنَّ "الأندية" مُجرّد فرُوع للنَّادي الكَبير "المُنتَخب"..!
وممَّا يُعزِّز الاعتقَاد بوجود فَجوة كَبيرة بَين الأندية والمُنتَخب؛ أنَّ الألقَاب التي حَقَّقتها الأندية -خَليجيًّا وعَربيًّا وآسيويًّا- تَفوق إنجَازَات المُنتخب، التي تُعَد عَلى الأصَابع..!
إنَّ هَذه الحَال تُشبه إلَى حَدٍّ كَبير المُشكلة الأزليّة التي نُعانيها في التَّعليم، الذي لَم يَستطع -حتَّى الآن- إمدَاد سوق العَمل بكَوادر مُؤهَّلَة، رَغم تريليونات الرّيالات التي صُرفت عَلى العَمليّة التَّعليميّة..!
وإذَا عُدنَا لقرَاءة الأرقَام والإحصَاءَات مِن جَوانب أُخرى لكَشْفها؛ سنَتذكَّر -مَثلاً- أنَّ مُعظم إعلَامنا المَحلي هَلَّل كَثيراً؛ لعمَادة حَارسنا المُعتزل "محمد الدعيع" للاعبي العَالَم، باعتبَاره أكثَر اللَّاعبين مُشاركة في المُباريات الدَّوليّة حتَّى اعتزَاله، لَكن الرَّقم الآخَر الذي تَم تَجاهله -عَمداً- في مُعظم إعلَامنا -أيضاً- أنَّ "الدعيع" رُبَّما يَكون أكثَر حَارس تَلقَّى مَرماه أهدَافاً؛ في تَاريخ نَهائيّات كَأس العَالَم، وذَلك الأمر يَنطبق عَلى زَميله -المُعتزل الآخَر- مُهاجمنا "سامي الجابر"، الذي تَذكُر الأرقَام أنَّه اللاعب العَربي الوَحيد؛ الذي سَجّل في بطولتين عَالميّتين مُتتاليتين (94 و98)، رَغم أنَّ الهَدفين سُجِّلا مِن ضَربتي جَزاء؛ أمَام المَغرب وجنوب إفريقيا، ولا نَتذكَّر الرَّقم الآخر الذي يَذكُر أنَّ "سامي الجابر" قَد يَكون أكثَر مُهاجم سَنْتَر الكُرَة، بسَبَب مُباراة ألمَانيا الشَّهيرة؛ في مُونديال "كوريا واليابان" عَام 2002م، التي انتَهت (8- صفر)..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا قَوم، لا تَغرّنّكم الأرقَام والإحصَاءَات، فهي -إن تَنَاوَلت جَانباً وَاحِداً- قَد تُهمل جَوانب أُخرى أكثَر إلحَاحاً..!!!