لم ينضج مفهوم الاحتراف الرياضي لدينا كما لدى المجتمعات الأوروبية. يتحدث من التقى اللاعب الفرنسي زين الدين زيدان أنه كان يتحاشى الأماكن التي تتصاعد فيها خيوط الدخان ذلك أن الفحص الصحي القادم له سيؤثر في سعره وفي قيمته الرياضية. في الرياضة لدينا نموذج زيدان المنضبط المحافظ على كل أساليب الاحتراف والمتزوج الذي لا يسهر ويأخذ قسطه من النوم بانتظام، ولدينا نموذج مارادونا الذي عاش حياته طولاً وعرضاً ووصلت به الحال إلى الإدمان ولم ينجُ إلا بأعجوبة من ذلك المحيط المتلاطم من الإدمان والضياع. بين زيدان ومارادونا على اللاعب أن يختار. يتحدث اللاعب سامي الجابر عن أن الانضباط قليل في الملاعب السعودية، بل إن فهد الغشيان ذكر في لقاءٍ معه نشر على "اليوتيوب" أنه كان مع بعض اللاعبين الآخرين يلعبون من دون تمرين. المشكلة أن الاحتراف الفعلي لم ينضج حتى الآن في بلداننا وهذه الملايين التي تدفع للاعبين مجرد سوق عادية ولا تدل على تطور معاني الاحتراف أو أساليب التطوير الرياضي. حين هزم المنتخب السعودي من ألمانيا بثمانية أهدافٍ كاملاتٍ تامات علل بعض اللاعبين الهزيمة ب"تسمم من أكلة". وفي مباراةٍ أخرى قال أحدهم إن الأرض فيها ماء بسبب المطر ما أثر في الأداء!! كأن أسبانيا وألمانيا وبريطانيا لا ينزل عليها المطر! اللاعب الحقيقي هو الذي يلعب في كل الظروف مادامت المباراة سارية قانونياً وما لم تأتِ عاصفة أو تنفجر قنبلة فإنه يلعب بأقصى ما لديه من جهدٍ وبأعلى ما لديه من إبداع وفن وإتقان. حين خرج هذه الأيام المنتخب السعودي من بطولة الخليج فوجئ الناس بمستوى اللاعبين. الغريب أن بعض اللاعبين يدخن الشيشة، ويضرب من المندي بخمسٍ من دون أي تأنيب للضمير ثم يقول إن الحظ لم يحالفه في المباراة. لننظر إلى خفة أجسام الآسيويين أو اللاعبين في أميركا اللاتينية، هناك اهتمام بالغذاء. الأمر الآخر الاهتمام بالفنون، فالتذوق للفن يخلق الإبداع في الرياضة، وبدلاً من المجيء بمن يلقي المحاضرات المفترض أن يكون هناك تكثيف للفنون ومجالاتها في معسكرات الأندية والمنتخبات. بآخر السطر فإن الهزيمة ليست رياضية فقط بل هزيمة لرؤيتنا للرياضة وطبيعة علاقتنا بمعانيها..