لست من المولعات بكرة القدم، ولكني أدرك أهمية الرياضة وموقعها في مجتمعنا خاصة بين الشباب. كما أنني لست من المهووسين بالمقارنات ما بين ما يصرف على قطاع الرياضة وغيرها من القطاعات خاصة قطاع الثقافة. غير أن خبرا رياضيا جعلني أعيد تفكيري في الموضوع. الخبر كما سمعته كان حول مدرب منتخبنا الوطني السيد الهولندي فرانك ريكارد وما يتقاضاه من رواتب وسكن وخلافه ضمن العقد المتفق عليه بينه وبين الاتحاد السعودي لكرة القدم. تشير الصحافة إلى أن عقد المدرب الهولندي السيد ريكارد يبلغ سبعة ملايين ونصف المليون يورو في السنة الواحدة، وتم التعاقد معه لمدة ثلاث سنوات، أي ما يعادل أكثر من 3 ملايين ريال في الشهر الواحد فقط، أي 37 مليون ريال في السنة الواحدة فقط، أي 111 مليون في السنوات الثلاث التي هي مدة العقد. وليست هذه كل الحكاية فهناك ما هو أكثر إثارة، إذ إن الشرط الجزائي المنصوص عليه في حالة إلغاء عقد السيد الهولندي ريكارد هو ثلاثة ملايين و500 ألف يورو أي ما يعادل 18 مليون ريال تقريبا! وهو ما وقف عائقا بينه وبين إلغاء عقده مع الاتحاد السعودي لكرة القدم بعد هزيمة المنتخب الوطني في أولى مباريات كأس الخليج وإخفاقه قبل ذلك في الوصول إلى نهائيات كأس العالم 2014 في البرازيل. إن ما يصرف على تدريب منتخبنا الوطني قد يكون مبررا إذا كانت هناك نتائج جيدة يحققها المنتخب تتناسب وهذه المبالغ الفلكية. والسؤال المطروح أمام هذه المفارقة أو هذا التناقض هو لماذا لا يعتمد على المدرب الوطني الذي لا يكلف التعاقد معه عشر هذه التكاليف ويكون متواجدا في السعودية مع المنتخب لا في الخارج كما هو حال المدرب الهولندي؟ كما أن ما يتقاضاه المدرب الوطني صغر أم كبر يصب في داخل الاقتصاد الوطني، بينما يطير المدرب الأجنبي بما يتقاضاه إلى خارج الاقتصاد. لماذا لا ينظر لجميع قطاعات الشباب الثقافية والاجتماعية والفنية بعين الرحمة فتخصص لها ميزانية تتفق وأهدافها؟ الأندية الشبابية الثقافية والاجتماعية وجمعيات الثقافة والفنون مازالت تستجدي ما يكمل ميزانياتها من القطاع الخاص وتقف عاجزة عن أداء أدوارها الداعمة للشباب بسبب ضيق اليد وشح الميزانية. وأقرب مثال يحضرني هو الأندية الأدبية التي خصصت لها وزارة الثقافة والإعلام مساعدة مالية مقدارها مليون واحد فقط في السنة، مما جعل رؤساء هذه الأندية يرفعون بطلب زيادة الميزانية بعد اجتماعهم الثاني في الأحساء. أدرك تماما ما توليه الدولة من اهتمام بقطاع الرياضة وبالتحديد «كرة القدم»، لكن كرة القدم ليست المجال الوحيد المستحق للرعاية والاهتمام، فهناك العديد من الأندية والأنشطة الشبابية الضرورية والتي يجب ألا تشغلنا عنها كرة القدم.