قلت قبل فترة إن هؤلاء الذين يملؤون فضاء الإنترنت ضجيجا هم أكثر الناس خمولا وكسلا، وأقلهم إنتاجية! أتمنى أحيانا أن أقرأ عن مساهمات فعلية لهؤلاء على الأرض فلا أعثر على شيء.. أتمنى أن أجدهم عند المساء يقدمون لنا كشفا بما قاموا به طيلة ساعات اليوم.. فلا أجد أحدا، أو كما قال دعبل الخزاعي "ما أكثر الناس لا بل ما أقلَّهمو"! غاية ما يفعلون هو ارتقاء منبر" تويتر" و" واتس أب" عند حلول المساء.. ثم يبدؤون في توزيع النصائح والتوجيهات في كل مكان.. وأتفهم لو أن بين كل عشرة أشخاص هناك شخص ناصح أو واعظ.. لكن أن يكون هناك تسعة واعظين مقابل شخص واحد فهنا المشكلة! والوعاظ الإلكترونيون الجدد - أو المتبطحون الجدد - مختلفون بالمناسبة.. ليست لهم هيئة واحدة، أو منهج واحد، أو طريقة واحدة، أو مذهب واحد، أو حتى هدف واحد.. من الممكن أن يبعث لك عند منتصف الليل أغنية "تولعت بك والله"، وقبل أن ينام يبعث لك برسالة تتضمن "سبحان الله وبحمده"، ويردفها بقوله: "أرسلها لكل القائمة الموجودة لديك.. نريد أن يضج تويتر بالتسبيح"! - هكذا ببساطة، بعد أن كان قبل قليل يضج ب"رابح صقر وأحلام"! شرائح عدة كلها امتهنت الوعظ والنصح.. حتى بعض الذين يتصدرون المشهد على اختلافهم، لم يعد لديهم سوى "التنظير"، والرسائل المخاتلة، التي تقول ولا تقول شيئا، وحينما يبعثون لك بصورهم من الميدان، تجدها لممارسة كرة القدم في إحدى الاستراحات، أو صورة في نزهة برية! خلاصة ما سبق: هذه المواقع الإنترنتية نعمة من الله لنا في هذا الزمن.. نريد أن نجعلها وسيلة لتعزيز قيم العمل الاجتماعي.. نريدها أن تدلنا على الميدان.. لا أن تكون هي الميدان نفسه! اسأل نفسك الليلة - حينما تنبطح على سرير نومك، وتطلق الواعظ الصغير الكامن داخلك -: ما هو العمل التطوعي الذي قمت به لمجتمعك خلال عام 2012، وأشعرك بالرضا الداخلي؟!