المتفق عليه في فقه القانون والإدارة أن أيّ نظام صدر لا يُلغي نفسه ولا آثار العمل بموجبه إلا بصدور مرسوم يلغيه. باختصار ان أي نظام صدر بمرسوم لا يلغيه إلا مرسوم. وربما بدا لمجلس الشورى غربلة الأنظمة القديمة، وهي موجودات بمجلدات وموسوعات لا تحتاج إلى بحث. ثم رفعها إلى أهل القرار لإصدار المراسيم اللازمة، لكون النظام - ربما - أصبح خارج الزمن. وحينما سيعثرون على نظام أو أكثر لا لزوم له، أو لأنه أصبح عقبة في مسيرة من أراد أن يأتي بفكرة جديدة من أجل تزويد المجتمع بخدمة.. تأتي الفرصة مناسبة جدا لصاحب الفكرة، بيئيا وماليا، لكنه (أي المستثمر) يصطدم بنظام يقول له ممنوع. عندي أن نظاما قديم وواقع حال جديد يشبه الكلمات المتقاطعة، أو أنه مثل لعبة ترتيب القطع (الجيكسو) Jigsaw. فهناك منحنيات متشابكة يصعب على غير الممارس حلها بسهولة، حتى لو بذل جهدا ووقتا وتفرّغا لاجتياز أنظمة خُلقت فلن يجتازها إلا الراسخون في العلم..!! وكثير ماهم. ولا بد أن نقرأ التحديات المهمة التي تتمثل في زيادة التعداد السكاني بمعدلات عالية تتطلب من المسؤولين في الوزارات إعادة النظر، وإعطاء الفرص المشجعة. ويكفي أن بعض الوزارات تواجه انتقادات شديدة لضعف مستوى الخدمات وهو الأمر الذي أقر به أكثر من وزير. معتّقة بعض الأنظمة لدرجة أنها لم تعد تعرف مرجعياتها العملية، أو تداخلت في الاختصاصات بين أكثر من دائرة. ولا أعتقد أنه من المجدي بقاء أنظمة لا تجد من يعمل بها. دعونا نترك الكثير ونأخذ مثلا نظام الشركات، والذي صدر في العام 85 ه. ففي رأيي أنه أصبح نظاما قديما لا يتماشى مع حال التقنية والمفاهيم، مع ما يشمل ذلك من متغيرات وأفكار تتعلق بالإدارة والتسميات. كُتب الكثير عن تحديث الأنظمة، لمنفعتنا هنا أولا، ثم لمنع الشركات المقبلة على الاستثمار في بلادنا من طلب "موسوعة الأنظمة السعودية" فإذا قرأته، أو بدأت بتفسير مصطلحاته، تلفتوا يمنة ويُسرة، وأكثروا من رفع حواجبهم..!