مازلتُ مصراً على أن السعودية، قارّة كبرى تحوي الكثير من التاريخ المطموس، لأن عدم العناية به أتت من ربط الأشكال والفنون بالعقائد، وهذا يحتاج بحدّ ذاته إلى بحث مستقل من المتخصصين. هناك الكثير من المآثر تطمس، ومع أن الدولة أسست هيئة خاصة بالآثار لكن سلطتها محدودة، ويدها مع الأسف قصيرة، إذ ليس من صلاحيتها أن تحمي أي أثر يهدم، ولنا في الذي يجري أحياناً في المدينة النبوية أو مكة خير شاهد. ثم إن الجنوب أو الشمال، في السعودية على سبيل المثال، مناجم للأماكن غير المكتشفة بما فيه الكفاية، لهذا سعدت بأن يقوم بعض المغامرين برحلات يكتشفون فيها أماكن عجيبة بجمالها وروعتها في جنوب المملكة. نشرت صحيفة "الشرق" قبل أيام أن مجموعة "من هواة رياضة "الهايكنج"، نظّموا رحلة إلى جبل إبراهيم، الواقع ضمن سلسلة جبال السروات جنوب غرب المملكة في منطقة بني مالك جنوب مدينة الطائف، ويتميز بارتفاعه الشاهق، المقدر بحوالي 5000 قدم فوق سطح البحر، ويمتاز بجمال منظره، كما يعد أحد المواقع السياحية والتاريخية في المنطقة". أحمد المالكي قال: ان "(الهايكنج) هو نشاط خارجي يعتمد على رياضة المشي، أو السفر على الأقدام بين القرى والجبال بهدف المتعة والاستكشاف، والتعرف على البيئة الطبيعية والمناطق القديمة أو المأهولة التي عاش فيها سكانها منذ زمن طويل وبقيت أطلالها شاهدة على موطن أهاليها وعلى ما تبقى من ذكريات وآثار لحياتهم فيها، والهدف من الرحلة هو استكشاف مرابي النمر العربي حيث تم تناقل أخبار سماع زئير النمر العربي بالمنطقة وكذلك وجود آثاره، بالإضافة للقيام بممارسة رياضة (السير الطويل) في الطبيعة البكر والتمتع بالتخييم في المناطق المفتوحة ومراقبة النجوم والتصوير"! هذا الجنون بحب الطبيعة وحب الآثار يمكن أن يستثمر رسمياً، صحيح أن البيروقراطية ربما تشل من هوايات هؤلاء الشباب غير أن من المهم أن تدرس المؤسسة المسؤولة عن الآثار والسياحة نتائج زيارات الشباب هذه. التضخيم لخطورة الأماكن القديمة خشية أن تعبد من دون الله كان منطقياً في فترة من الفترات أما الآن فالعقول والقلوب مؤمنة وتقدمت بطريقة إيمانها ولم يعد الخطر على العقيدة قوياً بعد أن تطورت وسائل التوعية ونشر الدعوة. بآخر السطر، أتمنى أن نكتشف وطننا أكثر وأكثر، وأطالب بالمزيد من الاكتشاف والقليل من الرعب والذعر.