اقتصاد سعودي قوي    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    مستقبل جديد للخدمات اللوجستية.. شراكات كبرى في مؤتمر سلاسل الإمداد    الزمالك يسقط في برج العرب ويواجه أول هزيمة في الدوري    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    تأثير اللاعب الأجنبي    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    الأوركسترا السعودية    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    «وسم حائل».. فعاليات متنوعة وتشكيلات فنية    ارتباط وثيق بين السكري والصحة النفسية    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    قوة المملكة الاقتصادية ورفع التصنيف    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    إسرائيل تستهدف قياديًا في «حزب الله»    بوتين: الحرب في أوكرانيا اتخذت "طابعًا عالميًا"    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    المدى السعودي بلا مدى    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «الرياض» تفصلهم وتجمعهم    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    جمعية تآلف تحتفل باليوم العالمي للطفل بفعاليات ترفيهية وبرامج توعوية    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    اختتام المؤتمر العربي لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات    ضبط شخص في عسير لترويجه الحشيش عبر مواقع التواصل    تعليق الدراسة الحضورية غداً بمدارس محايل عسير ورجال ألمع    بمبادرة سعودية.. الاحتفاء باليوم العالمي للتوائم الملتصقة    هل تعاقب دول غربية إسرائيل بحظر السلاح ؟    تأثير الذكاء الصناعي .. دفعت العائلة فدية لكنهم اكتشفوا أن ابنتهم لم تختطف    الطقس يهدد الولايات المتحدة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    1850 متدربا ومتدربة على المانجا في اليابان    الانسانية تحتضر    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    وزير السياحة يدشن شركة رملة للرحلات السياحية والمنتجعات البرية في حائل    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    5 مطارات تتصدر تقارير الأداء لشهر أكتوبر 2024    ترمب يرشح سكوت بيسنت وزيراً للخزانة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    معتمر فيتنامي: أسلمت وحقق برنامج خادم الحرمين حلمي    ضبط 19696 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    جمعية البر في جدة تنظم زيارة إلى "منشآت" لتعزيز تمكين المستفيدات    وفاة الملحن محمد رحيم عن عمر 45 عاما    حائل: دراسة مشاريع سياحية نوعية بمليار ريال    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي انتصار في غزة؟

قضية فلسطين هي تحرير أرض وإقامة سيادة عليها، وأية مواجهة عسكرية أو سياسية لا تحقق جزءاً من هذين الهدفين أو تقرِّب لهما فإنه يصعب الحديث عن انتصار. فواجب دعم المقاومة أثناء المواجهة يجب أن لا ينسينا تقييم عملها بعد المواجهة. الكلام عن انتصار للقضية الفلسطينية
بالمواجهة الأخيرة في غزة، وبمواجهات سابقة، يشير إلى مقدار ما تراكم على المدى الطويل من يأس وتواضع في طموحاتنا في هذه القضية. فإن لم تقع الهزيمة نشعر بالفوز.. وإن لم ينفذ العدو كل تهديداته ويغزونا برَّاً نعلن هزيمته.. وإذا ضرب العدو جزءاً من المقاومة وعطَّل نصف قدراتها وقضى على بعض رموزها ولم يسحقها بالكامل نعلن الانتصار.
المقاومة لن تستفيد من تجاربها إذا اعتبرناها منتصرة دائماً وكيفما اتفق. فأي انتصار تحقق في المواجهة الأخيرة التي انتهت بتهدئة بعد تعرض غزة لضرب عنيف ومتواصل وخسائر بشرية فادحة فضلا عن الخسائر الأخرى، مقابل صواريخ تطلق من غزة لم تصب إلا حالات قليلة؟ وبعد هذه التضحيات الجسيمة عادت الأمور كما هي، فلم يحرر شبر إضافي من أرض فلسطين، ولم يتقدم وضع القضايا الفلسطينية، ولم يتوقف نمو مستوطنة صهيونية!
نعم هناك بعض الأرباح الفئوية أو الجزئية، ومن حق البعض اعتبارها مكاسب مؤقتة للمقاومة ومن ثم انتصار تكتيكي لخدمة الهدف الاستراتيجي النهائي “تحرير فلسطين". لكن بعض الانتصارات هي مكاسب سياسية لفصيل أو فصائل من المقاومة على حساب فصائل أخرى وليس على حساب إسرائيل التي خرقت اتفاق التهدئة في ساعاته الأولى.
حساب مكاسب وخسائر المعركة الأخيرة لا يعني الانتصار أو الهزيمة في الحرب، ولا حتى التأثير الجوهري على القضية الفلسطينية. وفي حسابات الربح والخسارة، فإن أكبر مكسب لحركة حماس هو فئوي داخلي، فقد صار يُنظر إليها كقائد للفصائل الفلسطينية. وكذلك خالد مشعل، عاد إلى واجهة الأحداث كزعيم فلسطيني بكاريزما جديدة عبر خطاب فاجأ الجميع بتركه إيران وتحالفه مع مصر، مما أغضب حلفاء إيران الذين نسوا مرة أخرى أن عنوان القضية هو “تحرير فلسطين"، وليست مقادير الربح والخسارة لهذا الطرف أو ذاك.
وهنا أيضا ظهر الرئيس المصري الجديد كأكبر الرابحين، حائزاً على مكانة الوسيط الضروري والنزيه بين طرفين. فحين أرسل رئيس وزرائه لمساندة غزة فإنه كان متضامنا مع الشعب الفلسطيني وليس مع حماس، وفي نفس الوقت أغلق معابر غزة في وجه المقاتلين الفلسطينيين أثناء المواجهة لكي لا يبدو منحازاً. ثم أخيراً نجح في التوصل إلى تهدئة ونال الرضا الأمريكي والرضا المحلي ورضا حماس، بل والرضا الإسرائيلي، فقد أشاد رئيس الحكومة الإسرائيلي، في مؤتمر صحفي بعد إعلان التهدئة، بدور الرئيس مرسي في الأزمة.. إنها البهلوانية السياسية!
الجانب الإسرائيلي أيضاً يعتبر نفسه منتصراً في تلك المواجهة، ومن ثم فإن أكبر الرابحين فيها هو نتنياهو الذي كان سيواجه منافسة صعبة من شيلي يحيموفيتش في الانتخابات القادمة، وبما أن شيلي ابتعدت عن القضايا الأمنية والسياسية مركزة على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، فقد أصبحت حظوظ نتنياهو أوفر مستفيداً من عودة الهاجس الأمني المعتاد للإسرائيليين.
ومثلما أثرت تلك المواجهة في المزاج الإسرائيلي، فكذلك أثرت في المزاج الفلسطيني، فالرئيس محمود عباس ومن خلال رحلاته المكوكية ونشاطه السياسي المحموم لوضع القضايا الفلسطينية في قائمة أولويات الأمم المتحدة حاز على مكانة دولية ومحلية لا بأس بها، ولكن المواجهة الأخيرة وفي أيام محدودة قوضت أغلب جهود عباس، بل امتد نفوذ حماس إلى الضفة الغربية على حساب فتح وعلى مرأى من السلطة الفلسطينية.
وللمفارقة، فإذا كانت جهود سنوات من الدبلوماسية لمحمود عباس قد تقوض بعضه، فإن جهوداً معاكسة من العمل الإيراني قد تقوض أغلبه. فعلى مدى سنوات قامت إيران بتسليح ودعم حركة الجهاد وحماس، وناصبت العداء لقادة فتح، ودخلت في تفاصيل القضية، ومع ذلك كانت هامشية في المواجهة الأخيرة في غزة وفشلت في التأثير على مجريات الأحداث، وكانت ضد التهدئة بلا طائل. أما خطاب خالد مشعل فيكاد يكون إعلان تأبين لجهود إيران التي ذهبت هباء..
هناك رابحون وخاسرون على مستوى القادة والمنظمات والدول، ثمة حركة تقدمت وأخرى تراجعت.. ودولة إقليمية أصبحت في المقدمة وأخرى تراجع دورها، لكن القضية الفلسطينية لم تتأثر جوهرياً بتغير اللاعبين. وإذا قيمنا مجمل النتائج نجد أن استمرار المقاومة المسلحة يجابه بضرب عنيف على المناطق التي تخلو من الإسرائيليين، لتكون خسائر الفلسطينيين أكبر كثيراً من الأرباح؛ إضافة للخسائر على المستوى الدولي الذي ينظر لهذه المقاومة المسلحة بأنها إرهابية.. والمحصلة أنها توجع الفلسطينيين وقلما تضر إسرائيل، بل تعطيها قوة ترابط على المستوى الداخلي بسبب الهاجس الأمني، ومسوغاً أخلاقيا على المستوى الخارجي لضرب المقاومة المسلحة دفاعاً عن نفسها..
كلاهما المقاومة المسلحة والحل الدبلوماسي جُربا لسنيين طويلة وفشلا، فلماذا لا يتم مراجعتهما؟ بالمقابل فإن المقاومة السلمية لم تجرب بما يكفي. هذا الفن النضالي يرعب القادة الإسرائليين، فقد سبق لبعض الجنرالات من تحذير الحكومة الإسرائيلية بأن لجوء الجانب الفلسطيني إلى سلاح اللاعنف سيشل حركة الجيش لذلك يجب منع الفلسطينيين من استخدامه “لأن لدينا جيش مدرب للحرب والقتال وليس لمواجهة الشعب الأعزل.."..
في الموقف الذي يقرره العنف يفوز الفريق الذي يتحكم بأكبر قدر ممكن من القوة المسلحة. يقول تومسون أستاذ علم النفس واللاعنف بجامعة ميتشغان: “منذ سنين قامت إسرائيل باتخاذ تدابير صارمة لضمان عدم تجذُّر هذه الأعمال -اللاعنفية- في أوساط الفلسطينيين.. وهذا بحد ذاته، يجب أن يلفت نظر الذين يقررون الاستراتيجية الفلسطينية... فالخصم يكون مقيداً أكثر في استخدام القمع ضد العمل اللاعنفي. أضف إلى ذلك أن المقاومة السلمية تفكك جبهة الخصم وتكتسب بعض التعاطف بين صفوفه، بينما المقاومة المسلحة توحِّد جبهة الخصم دفاعاً عن وجوده.. ولو تمكن الفلسطينيون من سحب ذريعة الهاجس الأمني لدى الإسرائيليين وتم تحييد جيشهم، لكانوا هم الأغلبية التي قد تضطر الأقلية الإسرائيلية إلى البحث عن مانديلا فلسطيني كما أشار رمز النضال السلمي فيصل الحسيني في أحد لقاءاته قبيل وفاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.