في حادثة العنف المنزلي التي أودت بحياة الطفلة البريئة لمى، تفرغ الكُتاب للحديث عن الجاني وتركوا الضحية، الليبراليون تحاملوا لأن داعية يفعل مثل هذه الجريمة البشعة، والمحافظون حاربوا هذا التحامل، وشغل هذا النقاش حيزاً واسعاً أغفل الحديث عن الضحية البريئة وعن أخطار العنف الأسري ومدى انتشاره في المملكة. في كل الأعمال هناك فئة متطفلة عليها ولا ينتمون إليها، فهناك أطباء يحملون شهادات سباكة، وهناك دكاترة في الجامعات يحملون شهادات دكتوراة مزورة، وهناك دعاة لا ينتمون للدعوة بل تطفلوا عليها، وجريمة يرتكبها فرد لا تؤثر على أصحاب مهنته والأفعال الإجرامية لا تختص بفئة دون أخرى. وقد صرح معالي وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ مشكوراً لصحيفة الشرق بأن والد الطفلة لمى الذي قام بالاعتداء على ابنته القاصر مؤخراً حتى ماتت ليس من ضمن الدعاة الرسميين المسجلين في وزارته، ونتمنى من معاليه أن يحث وزارته على تنظيم موضوع الدعاة وأن لا يقوم بها إلا من هو أهل لها وبإشراف وزارته؛ لأن الدعاة يحتلون مكان ثقة كبيرة في أوساط المجتمع ونخشى أن يُساء استغلالها أو التطفل عليها كما حدث في هذه الجريمة. والمهم في موضوع العنف الأسري أن تُفعل وزارتا الصحة والتربية والتعليم نظام التبليغ عن حالات العنف هذه التي تكتشفها المدارس والمستشفيات والعيادات الطبية وتذكير المعلمين والمعلمات والمشرفين والمشرفات في المدارس والأطباء في المستشفيات بأن الإبلاغ عن هذه الحالات إجباري وليس اختيارياً وأن عدم التبليغ عنها مخالف للنظام وهذا هو السبيل الوحيد لإيقاف مد هذه الجرائم التي تغزو كل المجتمعات ولكن القوانين في الدول المتقدمة أشد صرامة في هذا الشأن ويبذلون جهوداً كبيرة في توعية الصغار والمسؤولين عنهم بأن التبليغ عن هذه الحالات هو السلاح الفتاك لمحاربة هذه الجرائم بعيداً عن نظرة العيب والستر والخوف من الفضيحة التي تساعد على تفاقم هذه الجرائم في المجتمع.