تابعت المناظرة الرئاسية الأولى بين أوباما ورومني كاملة ثم تابعت الثانية جزئياً، وتابعت الثالثة فجر الثلاثاء الماضي. ومن كل مناظرة أتعلم شيئاً جديداً، قد يكون حسناً وقد يكون رديئاً. في كل الحالات هناك احترام واضح يبديه كل طرف للآخر، فأوباما ينادي خصمه سيادة الحاكم، إذ كان حاكماً سابقاً لولاية ماساشويتس، ورومني ينادي أوباما بسيادة الرئيس. وعند المناظرة يُخصص لكل طرف وقت محدد للحديث لا يزيد عن دقيقتين بالنسبة للقضية المطروحة، أي أن الرئيس لا يملك زمناً مفتوحاً للثرثرة والدردشة كما هو حال بعض الزعماء الذين يحسبون أن حديثهم درر وثرثرتهم علم لا يُضاهى وحِكَم ليس لها مثيل! تلكم آداب عامة يلاحظها الجمهور الموجود، وعشرات الملايين من الشعب الأمريكي وغيره من الشعوب. وفي المناظرة الأولى أخذ على أوباما تجاوزه إجمالي الوقت بعدة دقائق مقارنة بغريمه، وتلك سلبية محسوبة. أمر آخر يندر تحققه في (الاتجاه المعاكس) هو عدم المقاطعة، وعدم الشخصنة إذ يقتصر الحديث على الحقائق والشواهد والأدلة، وليس ثمة حاجة إلى الانتقاص أو الغمز واللمز أو السخرية بسبب لون أو عرق أو شكل. وأما مدير اللقاء فيتم اختياره بعناية، وكانا رجلين للمناظرة الأولى والثالثة، وسيدة للمناظرة الثانية. والمدير يمارس مهمته كاملة.. يتحكم في الوقت ويحدد المتكلم. وقد يقاطع هذا أو ذاك إذا شعر بأن الحديث خرج عن السياق المطروح، أو إذا انتهى الوقت المسموح. وتعلمت أن القضايا المطروحة تتكرر في كل انتخابات رئاسية فما وُجدت الحكومات إلا لحلها ومعالجتها كل حسب رؤيته وطريقته بالتعاون مع المجالس التشريعية، أو بالتضاد معها. هي القضايا نفسها... وزعت على المناظرات الثلاث: الشأن المحلي ثم القضايا الكبرى مثل الطاقة والهجرة والتعليم (وكانت الأسئلة فيها واردة من الجمهور المختار وعدده لا يزيد عن 80 شخصاً). وأخيراً كانت الشؤون الخارجية محوراً للمناظرة الثالثة. وفي كل مناظرة يتسلح كل طرف بما فعل ولم يفعل، وبمواقفه ومواقف غريمه، وفي كل مرة لا تُذكر الحقائق كاملة، كما ُشوه إذا أمكن صورة الطرف الآخر كاملة. إنها السياسة يا عرب!