أصبحت قضيتنا مع الغرب تنحصر في سؤال واحد. لماذا تصاغ القوانين والأنظمة في الغرب لحماية اليهود وقضياهم بكل صرامة، وعندما يأتي الأمر لمقدسات المسلمين يتذرعون بحرية الرأي؟ سؤال قوي ومحرج. هذا السؤال تكرر آلاف المرات. يكاد يؤكد أن هناك مؤامرة على المسلمين. لكن من هو الذي يتآمر على المسلمين؟ الماسونية أم منظمة فرسان الهيكل أم الصهيونية أم الأيباك، أم كل هؤلاء مجتمعين؟ من روتين الحملة الرئاسية الأمريكية أن يحج المرشح للبيت الأبيض أولًا وقبل كل شيء إلى إسرائيل، ويلبس القلنسوة اليهودية ويقف أمام حائط المبكى ويقدم لإسرائيل كل الوعود التي تتمناها. يؤكد هذا دون مجال للشك سيطرة اليهود على أعلى مفاصل القرار في الولاياتالمتحدةالأمريكية. في ظني الشخصي من ينكر سيطرة اليهود على الولاياتالمتحدة إما أنه جاهل أو جاحد أو متآمر. الشيء المثير أن نسبة اليهود إلى سكان الولاياتالمتحدة حوالي خمسة في المائة فقط. سندع الأيباك والماسونية وفرسان الهيكل وأمريكا بأسرها ولنطرح السؤال على واقع المجتمع السعودي. أيهما اكثر تأثيرا على القرارات الاجتماعية والتعليمية والثقافية والقضائية والاستراتيجية ؟ سبعة من كناسي شوارع أم استاذ جامعي واحد؟ أيهما أكثر تأثيراً على المجتمع عشرون بائع خضار أم محام واحد؟ أيهما أكثر توجيها للمجتمع مئة سائق تكسي أم كاتب واحد؟ سؤال آخر: من يصيغ قرارات أي مجتمع في العالم؟ الأكثرية من الكناسين وبائعي الخضار وسائقي التكاسي( مع احترامي للجميع) أم الأقلية من أساتذة الجامعات والمحامين والفنانين والقضاة والإعلاميين وقيادات البنوك؟ من يوجه مجتمعات العالم ويسن قوانينها؟ إذا طرحنا هذا السؤال على واقع المجتمع السعودي أو الفلبيني أو الامريكي نكون اقتربنا من السؤال الأساسي وتخلصنا من الأسئلة الوهمية المضللة. تصل نسبة المحامين اليهود في الولاياتالمتحدة إلى ثلاثين في المائة وكذلك الحال مع أساتذة الجامعات وقس على ذلك نسبة الفنانين والإعلاميين وملاك الشركات وقيادات البنوك. إذاً اليهود رقمياً قليلون ولكن عملياً هم الأكثرية الحقيقية في الولاياتالمتحدة بعد البيض مباشرة. من البديهي أن تكون لهم اليد الطولى في مسار الانتخابات وسن القوانين وبناء القرارات، وأن يكون على رأس هذه القرارات حماية مقدساتهم ودعم قضاياهم. على اي حال هذا الكلام ليس سوى توطئة للسؤال الذي أقترحه ليحل محل السؤال التآمري : كيف بلغ اليهود هذه المنزلة؟ سؤال نهرب من الأجابة عنه ونطرده من خيالنا.. لكنني سأتبرع بالإجابة عنه واختصر الاجابة بكلمة واحدة:(التعليم).لا المؤامرات ولا الدسائس ولا فرسان الهيكل ولا الماسونية بل المدارس والجامعات والمعاهد. اليهودي يتآمر علينا بأن يلحق ابنه وابنته في أفضل مدرسة وأفضل جامعة في العالم ثم يتعهدهما بالرعاية العلمية والفكرية حتى يبلغا أعلى الهرم. ما هو المقابل الإسلامي لهذا؟ نفس الفئة التي تروج لسؤال المؤامرة (الغرب يتآمر علينا، الغرب يكيل بمكيالين، الماسونية، فرسان الهيكل .. الخ) هم أنفسهم الذين أيدوا قتل السفير الأمريكي. هم أنفسهم الذين حاولوا الإساءة لجامعة كاوست (اختلاط، رقص.. الخ) وهم أنفسهم الذين يحاولون إفشال برنامج خادم الحرمين للابتعاث (اختلاط، مخدرات.. تنصير) وهم أنفسهم الذين يروجون ضد جامعة نورة الآن (رجال يدخلون رجال يخرجون). السؤال الآن من المتآمر على الأمة الإسلامية ويسعى لإفشال برامجها العلمية واتصالها بالعصر الحديث، ومن الذي يجعل الامريكان يحترمون مقدسات اليهود ويتركون مقدساتنا نهبا للرأي العام؟ لا تخرج المؤامرة عن اثنين إما الماسونية، أو فرسان الهيكل؟