لا أعتقد بأن المجاملات يمكن أن تنتهي من حياتنا أبدا، مهما ادعينا عكس هذا، أو مارسنا الكثير من الجدية. لا بد لكل إنسان من نقطة ضعف ما يتوقف عندها، يبتسم، يجامل، يقول كلمة إطراء لا يعنيها تماما. تلك قصة البشر على كل حال، لكن أعتقد بأن "نسبة" المجاملات بين المثقفين بدأت تنخفض، وهذا مجرد انطباع، ازعم أن له ما يعززه. فحاليا أصبح الحوار بين المثقفين اليوم أكثر من الناحية الكمية، أتحدث عن أولئك المنخرطين في مواقع التواصل الاجتماعية عبر شبكة الإنترنت. نقاط الاحتكاك زادت، والتعبير عن الأفكار والانطباعات والآراء أصبح لحظيا أكثر ومن أي وقت مضى، كما أن التواصل بين البشر أصبح مباشرا بدون سلطة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك – تويتر ..الخ)، بينما تجد السلطة في التلفزيون أو الراديو أو صفحات الجرائد، أو حتى المنتديات الإلكترونية في وقت سابق. حرية الكتابة غير المسبوقة، من خلال تلك المواقع، ومن خلال المدونات الشخصية، جعلت التعبير عن الأفكار أكثر حدية مما كان عليه، لم تعد الأفكار تهذب كثيرا، لا تترك لتنضج، وبنفس الوقت لم تعد تجامل، لدى البعض بالتأكيد؛ لهذا مع أن تلك التطورات زادت الشللية بصورة ما، إلا أنها هدمت قداسة العلاقة بين المثقفين، قلة - ربما – أولئك الذين ما زالوا على الفكرة القديمة الممجوجة "اثن علي لأثني عليك" أصبحت المعركة أكثر في اتجاه "انقدني لانقدك" . ربما لن نقطف ثمار هذا التغير في مدة قصيرة، أظن بأننا بحاجة إلى الكثير من الوقت حتى يصبح المثقفون أكثر مصداقية، وأقل مجاملة، وشللية. لكن ازعم بأن العد التنازلي قد بدأ منذ مدة ليست بالطويلة.