اعتذرت حملة المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية «ميت رومني» عن تشكيك أحد داعميها في «أمريكية» الرئيس باراك أوباما، بعدما رأى فريق الأخير في ذلك «بلوغاً للحضيض». وكان الحاكم السابق لولاية نيو هامبشير «جون سنونو» قال خلال مؤتمر نظمته حملة رومني: «كنت أتمنى لو أن هذا الرئيس (أوباما) تعلم كيف يصبح أمريكياً». هذا الخبر نشرته مختلف وسائل الإعلام العالمية، نظراً لخطورة قيام فرد أو جماعة بالتشكيك في وطنية أو ولاء شخص ما لبلده. وسارعت مختلف الجهات ذات العلاقة إلى الإعلان عن الاعتذار عن هذا التصريح أمام كل العالم، نظراً لما يترتب عليه من إجراءات قانونية وقضائية تصل لحد التهمة بالخيانة للوطن. في المجتمعات العربية، تطلق الاتهامات باللاوطنية والتشكيك في الولاء جزافاً، وبطريقة تعميمية بلا حسيب أو رقيب، وبلا رادع أو شعور بالمسؤولية تجاه التبعات المترتبة على ذلك من أحاسيس وآثار سلبية تضرّ بوحدة الوطن وتماسك المجتمعات. من أسهل التهم التي يُرمى بها أي شخص -في منطقتنا- ضد شريكه في الوطن، حال الاختلاف معه فكرياً أو سياسياً أو مذهبياً، هي التشكيك في ولائه لوطنه، وكأن الوطن حق حصري. إن هذا الأسلوب يمارسه البعض مع كل مختلف، وكذلك الحال مع كل من يؤمن بنهج أو حركة سياسية مختلفة حتى لو كانت إسلامية، وهو نهج مرفوض خاصة حينما يصيب الكل. السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يهرع البعض إلى استخدام هذا الأسلوب المخزي والمنهج السقيم في التعامل مع فئات أو مجموعات وطنية لمجرد اختلافها معه في النهج أو الأفكار أو المواقف السياسية؟ الأحكام التعميمية تشكل في مضمونها خطراً حقيقياً على الجميع. هذا الخطر يكمن في بعدين مهمين: الأول شعور الفرد أو الفئة التي تتعرض بغير حق للتشكيك في ولائها بالغبن والإقصاء والدونية وعدم المساواة، والثاني أن ذلك يعطي فرصاً مجانيةً للمتربصين من خارج الوطن لاستغلال هذه الثغرة والنفوذ من خلالها.دعونا نُحِط بعضنا بعضاً بمزيد من الاحترام، ونؤكد على وطنيتنا جميعاً مهما تباينت بيننا وجهات النظر والآراء والأفكار والمواقف ومناهج العمل ما دمنا نعمل جميعاً لصالح وطننا، ولنواجه كل من يشكك في ولاء أي مواطن لوطنه جزافاً، كما نواجه من يقوم بالإضرار بوطنه لأي هدف كان، ونقف جميعنا ضد هذه الممارسات اللاوطنية المسببة للفرقة والتفكك.