إن أفضل إعلان حظي به مسلسل "عمر" هو الدعوة لمقاطعته ومنعه من العرض. أكاد أجزم أن الكثير ممن رفض عرض المسلسل سيغير رأيه بعد أن تم عرض الحلقة الأولى والثانية إن أفضل إعلان حظي به مسلسل "عمر" هو الدعوة لمقاطعته ومنعه من العرض. أكاد أجزم أن الكثير ممن رفض عرض المسلسل سيغير رأيه بعد أن تم عرض الحلقة الأولى والثانية، ولكن لماذا يثار كل هذا الضجيج عندما يكون هناك عمل تاريخي سوف يعرض علينا؟. الميديا بكل ما تعرضه يعادل عشرات المحاضرات والدروس التي يتم تلقينها وذلك قي ظل سطوة وتأثير الدراما والفضائيات. المجتمع أصبح متغيرا من حيث تلقيه للمعلومة، ما الفارق بين كل ما تحتويه الكتب وما يحتويه مسلسل مرئي مسموع؟ هناك الكثير من الكتب التي تتحدث عن تاريخ الصحابة ولا تتشابه في الكثير من مضامينها وتمتلئ بها المكتبة العربية ويتم تداولها وقراءتها ولم تحدث أية احتجاجات بخصوصها. الدافع الأساسي للمحتجين ولمن اتبعهم من المعارضين لا يكمن في رفضهم لتجسيد الممثلين لشخصية عمر بن الخطاب فقط بل إنه يتمثل في الخوف من "الخروج من الصندوق".. لقد تمت برمجتهم لسنوات طويلة على أنه لا يجب أن نشاهد من يمثل أحد الصحابة كشخصية مجسدة ولكن: لماذا؟ هذا هو السؤال. لا أجد نصا دينيا يحرم بشكل قطعي تمثيل هذه الأدوار بشخصياتهم. هناك أفلام عظيمة ورائعة عرضت لنا وتعلمنا منها الكثير الذي لم نعرفه من قبل أو أنه تم تلقينه لنا بشكل مجزّأ وغير كامل أو خاضع لتوجه بعينه. مهما بدت الاختلافات فليست اختلافات جذرية بحيث تغير من حقيقة الشخصية التاريخية أو الشخصية الدينية، مثل مسلسل النبي يوسف وهو مسلسل إيراني– Yousofe Payambar' هذا المسلسل يحكي قصة النبي يوسف من قبل ولادته إلى لقائه مع والده النبي يعقوب عليهما السلام. وبالرغم من الجهة التي تعرضه وتخرجه تابعناه وسعدنا به ولم تجد طرق المنع سبيلا لمنع الناس من التعرف على قصص التاريخ التي تلامس قلوبهم ووعيهم وتلهفهم للمعرفة خاصة إذا كانت تلامس دينهم أو رسلهم. ويذكرنا هذا بفيلم "داخل مكة" فلم تكن تتصور القناة العالمية National Geographie TV أن الفيلم الإسلامي "Inside Mecca" سوف يحقق أرقاما قياسية بالمبيعات وفي الطلب عليه، وهو فيلم يشرح الإسلام بالصوت والصورة من داخل قلب مكة وبصورة عادلة قام بها مجموعة من غير المسلمين من مشرفي ومذيعي القناة الأميركية، كان سببا في نشر معلومات عن الإسلام لغير المسلمين، والذي جعل بعضهم يسلم بعد مشاهدته. إنها الحاجة للمعرفة فالإنسان متعطش للإجابة عن الكثير من أسئلته الوجودية والدينية التي تتعلق بالمعتقد أو التاريخ. ومثله فيلم الرسالة للمبدع العقاد الذي خدم الإسلام وأسلم بسببه كثيرون في الغرب. ولم يسيء للصحابة في فيلمه، ولا لحمزة، الذي قدم شخصيته أنتوني كوين. ونعلم من يكون كلاهما. فيما يجسد شخصية عمر مسلم. إن فكرة المنع أو التحريض عليه تبدو غير مجدية، فالفضاء الإعلامي اليوم غير قابل للحجب إطلاقا، وأصبح قوة حقيقية، فالذي يحدث هو أن تمنعه من قناة لتجده على الإنترنت، علينا أن نكون واعين ومنطقيين عقلانيين فيما يتعلق بالثورة ضد فيلم أو مسلسل ما حتى وإن كان يتعارض مع رؤيتنا أو اعتقادنا بحرمة بعضه. لنشاهده بوعي ثم نناقش ونضع الحجة ونتبادل الوعي ولكن الرفض لمجرد الشك أو الارتياب لا يليق بأمة اقرأ.