أشادت جميع وسائل الإعلام وهي تغطي خبر وفاة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير نايف بن عبد العزيز، رحمه الله، بالنجاح الذي حققه سموه في القضاء على الإرهاب. ويأتي ملف المناصحة تجربة مضيئة، تعاملت مع الإرهاب فكرياً من خلال مناصحة الذين قبض عليهم والذين سلموا أنفسهم للسلطات. وكان لنجاحه أثر ملحوظ في تراجع معدلات العنف بصورة كبيرة، الأمر الذي يتطلب الانتقال بهذا النجاح ليشمل إلى الجانب الأمني جانبا فكريا ينشر ثقافة التعايش، ويمهد لبناء بيئة إيجابية تحمل في ذاتها مقومات طاردة، ليس للعنف المادي فقط وإنما أيضاً العنف الفكري. نحن في مجتمعنا كأي مجتمع عربي يشهد مرحلة مهمة من الحراك والتغير، في أمس الحاجة لتأسيس مشروع ( قبلي) يتعامل مع أي مؤشر للإرهاب قبل تواجده. وهو مشروع ثقافي وإعلامي يهدف في المقام الأول لترسيخ مفاهيم التعددية والمساواة والقبول والتعايش بين جميع فئات المجتمع وطبقاته. وعندما يُيسر لهذه المفاهيم وسائل انتشارها، فسرعان ما تجد التربة الصالحة لتكوين أجيال تحمل عوامل ذاتية لمقاومة أي فكر ظلامي يبث دعاية التحريض الفكري الممهد للإرهاب اللفظي والمادي. ويحمل هذا المشروع أهم عوامل نجاحه، لأنه ينطلق من قيم إنسانية تعد من جوهر الإسلام. كأي مشروع يمس قطاعات الجمهور، فإنه يحتاج، إلى جانب المكون الفكري، عناصر جوهرية، يأتي في آخرها إصدارالقوانين وتطبيقها، وقد وفرت لنا وزارة الثقافة والإعلام في لائحتها الأخيرة مواد لتجريم ومحاسبة من يتسبب في إثارة العنف والكراهية والعنصرية، وبالتالي فإن الخطوة المهمة التالية تتطلب التخطيط لبناء المشروع ووسائل نشره، وفي ذلك أدعو من خلال صحيفة الوطن العلماء والإعلاميين والمثقفين إلى فتح النقاش حول إكمال مشروع الأمير نايف، رحمه الله، للمناصحة ليشمل ثقافة قبلية لبيئة مطمئنة تحمل قيم الرحمة والرفق وتحمل مفاهيم التسامح والتعددية والتعايش.