كثيرا ما نردد عبارة " اقتصاد " قوي , وصلب ومتين وغيرها من العبارات الرنانة التي تعزف على وتر ولحن رغبة الجمهور في كثير من الدول, وليس صحيحا أن المال هو مقياس القوة الاقتصادية , وحين كانت " ليبيا " تمتلك من الأرصدة ما يفوق 100 مليار دولار في عهد معمر القذاقي فماذا قدم لليبيا واقتصادها كمثال ؟ هي من أقل الدول نموا وتحضرا في عصرنا الحديث مقارنة بدول الخليج البترولية , أيضا العراق وعهد صدام حسين , كان ومازال العراق من أغنى الدول في ثروته وماله, ولكن أين ذهبت ؟؟ للحروب واحتلال الكويت , واستنزف الشعب مالاً وبشرا, هذان مثالان لدولتين غنيتين نفطيتين , وتملكان المال الوفير وبما يفوق حاجتها , فهل كان ذلك معيارا للاقتصاد وقوته ؟! الإجابة الواضحة تقول " لا " . معيار الاقتصاد " القوي , الصلب , المتين " الحقيقي , لا يقف على معيار واحد , ولكن يمكن تلخيصه بتعريف بسيط اجتهدت في وضعه وهو " الاقتصاد الذي يحقق رفاهية وكفاية شعوبه, ويدعم قوة الاقتصاد الوطني بتحقيق تنوع في مداخليه الذاتية ويستثمرها ليحقق نموا مستداما , وهي الأقل حاجة لأي أطراف خارجية ماليا ". الاقتصاد الجيد هو القادر على توليد الفرص , وتحسين بيئة العمل , بجاذبية عالية , من خلال تنظيمات وتشريعات تساعد على تحقيق ذلك , ولن يكون هناك اقتصاد " قوي وصلب ومتين " بدون تنويع مصدر الدخل , فلا تخضع لظروف أو ظرف طارئ حين تصبح مصادر دخلك هي محدودة ونادرة , وهذا سيضع مصيرها صعبا مهما طال زمن الأمان المتوقع , فسيأتي يوم تتأثر به سواء لظرف سياسي أواقليمي أو نضوب أو بدائل تأتي , وما نطالب به " التنويع " في الدخل . وهنا ما يجب أن تنتبه له دول الخليج والمملكة خصوصا , فهي تملك الثروة الآن , ولكن هل يمكن أن يقال لدينا اقتصاد " قوي وصلب ومتين " الواقع يقول " ماليا " و " أرصدة " نعم وهذا يعلن من قبل مؤسسة النقد , ولكن على المواطن هل تحقق رفاهية مكتملة وبكفاءة ؟ وهل نملك تنوع الدخل والإيراد غير الخاضع لمعطيات خارجية لأي ظرف ؟ الحقيقة تقول لا.