كردة فعل لأحداث سبتمبر تشكلت ذهنية عامة عن خطر الإسلام والمسلمين في الغرب تسير باتجاه التيارات اليمينية المتطرفة التي أسهمت في تغيير الرأي العام الغربي عن الإسلام االمفردات التي تضمنها عنوان هذه المقالة باتت واسعة الانتشار ودارجة على لسان الجميع في المجتمعات الغربية في نظرتهم للإسلام والمسلمين. هذه الصورة انعكست بوضوح في تعاطيهم مع الأقليات المسلمة هناك، وهذا ما يؤكده التقرير الأخير الذي رصدته منظمة التعاون الإسلامي حول الانتهاكات التي تتعرّض لها الأقليات المسلمة في الغرب بأنها آخذة في الازدياد، وذلك على حد تعبير أمينها العام الدكتور "أكمل الدين إحسان أوغلي". إنه أمر يدعو للغرابة لماذا هذه النظرة الاختزالية تجاه المسلمين من قبل مجتمعات متقدمة تعتبر حقوق الإنسان جزءا لا يتجزأ من منظومتها الحضارية؟ أصحاب الفكر التآمري في مجتمعاتنا ينظرون بأن القضية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فالغرب قضيتهم الأساسية هي التآمر علينا، والمسألة الحقوقية التي يتباهى بها الغرب هي من ضمن سلسلة المؤامرات، ولعمري كيف استطاعت هذه الدول أن تصل بالتآمر إلى مفهوم الدولة الحديثة وأن تمر بالثورات الثقافية والاقتصادية والسياسية. وكأن العرب والمسلمين يريدون القول بأننا موجودات وهمية ليس لها إرادة حقيقية، على طريقة الحكمة الهندية القديمة التي تقول: "إذا تصارعت حيتان البحر ففتش عن الإنجليز". نعم الغرب لهم مصالح ومطامع يخططون من أجلها، ولكن شتان بين منطق المصالح ومنطق التآمر، فلا غرابة ولا ذهول أن يولد من رحم هذا التفكير التآمري مقولات من قبيل أضحوكة التغريب والغزو الثقافي في فضاء مفتوح تلاشت فيه الحدود وسقطت فيه الحواجز، ولكن إذا نظرنا للقضية بطريقة مغايرة ومختلفة وهو أنه يجب التمييز في التعامل بين مرحلتين أساسيتين تقف 11 سبتمبر حدا فاصلا بينهما.. فمرحلة ما قبل سبتمبر كان المسلمون هناك يتمتعون بكافة الحقوق في العيش الكريم وحق اللجوء والتجنيس وينعمون بكل الحريات، وخصوصا الحريات الدينية في وجود مساجد ومراكز الدعوة والمعاهد والمدارس التي تُعنى بالتبليغ ونشر الإسلام وتعليم اللغة العربية دون أن يتعرضهم أحد بسوء لا من قريب ولا من بعيد، لكن النتيجة كانت بالنسبة إليهم مدوية بعد 11 سبتمبر وما تلاها من تفجيرات عدة في لندن ومدريد والقائمة تطول! لتكون النتيجة الحتمية هي تشدد الحكومات الغربية في ما يرتبط بالتجنيس واللجوء وطرد دعاة التشدد والتطرف، ووقوف الزائر المسلم طويلاً في الجمارك للتفتيش الشخصي، وفي خضم هذه الأجواء وكردة فعل تشكلت ذهنية عامة في المجتمع الغربي تسير جنبا إلى جنب باتجاه التيار اليميني المتطرف الذي لمع بريقه بعد الأحداث كونه معاديا للإسلام والمسلمين، حتى استطاع أن يكون له نفوذ بعدما كان له حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا، واستطاع أن يصل إلى مناصب رفيعة سواء في البرلمانات أو في السلطة وهنا بدأت قصة "الإسلام فوبيا" وحكايات الخطر الاستراتيجي القادم وبهذه الذهنية المتطرفة من قبل اليمين استطاعت أن تفرض نفسها وتساهم في تغيير الرأي العام تماما كما هو الحال في الذهنية المتطرفة الموجود في مجتمعاتنا الإسلامية، فالتطرف لا دين له ولا مذهب. ومما زاد الطين بلة هو تصرفات بعض المسلمين هناك في عدم احترامهم للقوانين والأنظمة العامة والتي زادت من تأجيج الكراهية، هذا بالإضافة إلى الواقع الحضاري المخجل للمسلمين على مستوى الإنتاج والتنمية ونشوء حالات العنف والصراعات الفئوية والطائفية والتي تتصاعد وتيرتها باستمرار في الداخل الإسلامي. يبقى السؤال ماذا علينا أن نفعل الآن لنظهر الإسلام العالمي؟ هل يفيدنا الحديث الآن عن مقولة التغريب البائسة؟ إنني أقول أخيراً: إنه لنوع من خداع الذات واستغبائها أن نحاول الهروب من مشاكلنا والقفز على عيوبنا وإلقاء كامل اللوم على الأجنبي.