السؤال الذي يطرحه أنصار نادي النصر بعد إقصاء الشباب والتأهل للدور نصف النهائي لكأس خادم الحرمين الشريفين للأندية الأبطال هو: ماذا لو كان لدى فريقنا أربعة أجانب مميزين كالذين يملكهم الشباب، أو الأهلي، أو على أقل تقدير ما يملكهم الهلال؟ السؤال لا شك ولا ريب منطقي، فأن يفوز النصر على بطل الدوري في الذهاب والإياب وبمستوى مميز وروح وثابة، وهو البطل المدجج بلاعبيه الدوليين والمسلح بأجانبه المميزين، يحركهم قائد محنك، وأعني البلجيكي ميشيل برودوم ومن خلفه إدارة لا عمل لها سوى توفير كل متطلبات الفريق وفي الكواليس داعمون قادرون على جلب "لبن العصفور" إن أراد فليس لذلك معنى سوى أن النصر متى ما ترتبت أوضاعه فهو قادر على تغيير معادلة المنافسة وكسر قاعدة البطولات التي تشكلت في العقد الأخير. النصر في مواجهتي الشباب ظهر ساحراً، وليس مسحوراً كما يزعم البعض، إذ قدم هذا الساحر من فنون سحره ما جعلنا ننبهر، بل ونطالبه بألا يتوقف عن سحره، فهو السحر الحلال الذي تشرئب لرؤيته الأعناق، وتتسلط صوبه العيون، وتخفق لبراعته القلوب؛ والذي كان ضحيته هذه المرة (ليوث العاصمة)، ومازال يُنتظر أن يكون له ضحايا آخرون عاجلاً لا آجلاً لكن كيف يكون ذلك؟! في ظني لا يُخشى على النصر اليوم من منافسيه، بقدر ما يخشى عليه ممن يدعون حبه، ويسعون للتسلط عليه، إن بقرارهم أو آرائهم، فثمة نصراويون - في ظني - لا يريدون للنصر أن يخرج من عباءة الانكسار إلا على يديهم، وإلا فليستمر إذن في رحلة التيه التي دخلها منذ عقد ونيف، على الرغم أنهم أخذوا الفرص تلو الفرص عملاً وتنظيراً دون أن تنتج رحاتهم طحينة واحدة على كثرة جعجعتها التي صمت الآذان، ومازالت! إنني على ثقة بأن أنصار "العالمي"، وتحديداً جماهير "الشمس" تعرفهم جيداً، فهم الذين ظلوا يسعون جاهدين لبعثرة أوراق الفريق حتى الأيام الأخيرة التي قدم فيها النصر مستويات لافتة، ونتائج مميزة، جعلته في منأى عن الخسائر، إذ سعوا لإسقاط الإداري الأنموذج محمد السويلم، والتشكيك في قدرات ماتورانا، وقبل ذلك زادوا في ضغطهم على رئيس النادي الأمير فيصل بن تركي لدفعه للاستقالة، ومرروا من الرسائل الضاغطة على الجماهير للتأثير على مساندتهم للفريق، في وقت كان فيه أحوج للأجواء الهادئة؛ خصوصاً وأن الموسم لم يسدل ستائره، وفرصة اصطياد البطولة الأخيرة قائمة. لست هنا أقفز على حقيقة الأخطاء التي ارتكبتها إدارة الأمير فيصل بن تركي والتي عصفت غير مرة بأحلام النصراويين، لكن ثمة فرق بين الانتقاد للتصحيح، والانتقاد لتصفية الحسابات، وما كان يحدث في النصر تجاوز الانتقاد لمرحلة التأليب المفضوح، بل والتخريب المكشوف أيضاً، ولكن حين حضر الرجال الذي يغلبون مصلحة الكيان على مصالحهم الشخصية، حضر شيئاً من سحر النصر الأخاذ الذي طالما انتظره عشاقه سنون طوال، ويبدو أن في جعبة الساحر ما يستوعب بطولة بحجم بطولة كأس الملك.