كسرت الثورة المعلوماتية الحاجز الذي كان يفصل الشعوب وبعضها البعض وأصبح ما يحدث في دولة منها يصل بكل تفاصيله الدقيقة إلى كافة الدول الأخرى . . . فتفاعل معه الناس وتأثروا به، خاصة إذا تشابهت الظروف وتناغمت المشكلات. وكانت تقنية الاتصالات الحديثة هي أحد أهم الأدوات التي أستخدمها الشباب العربي في تونس ومصر وانتقل تأثيرها إلي بقية دول الربيع العربي الأخرى وسخروها لصالح ثورتهم وكان لها الأثر في انتصارهم وتحقيق أهداف ثورتهم. *** وأصبحت الانترنت، على وجه الخصوص، أكثر وسيلة إعلامية لإثارة الجدل والنقاش الديمقراطي حيث أضافت أبعادا إضافية للاتصال مقارنة بالوسائل التقليدية الأخرى منها. واستفاد الشباب من التطور التكنولوجي والمعرفي وطوروا أشكال وآليات نضالهم السياسي والتنظيمي والفكري والإعلامي بما يلائم الوضع الحالي والتغييرات الكبيرة التي حدثت في العالم. ولعل أهم ملامح هذه الاستفادة تتمثل في التالي: • فضح تلك الأنظمة الدكتاتورية والتحريض ضد فسادها وممارساتها القمعية، وكان للوثائق التي نشرها موقع – ويكيليكس – دور مهم في تعزيز ذلك. • إشراك عدد كبير جدا في التعبير عن الذات والانتهاكات المختلفة التي يتعرضون إليها، والنقاش والجدل الجدي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي و البلوكات (Blogs)والمواقع الأخرى، والتي ساهمت في تقريب وجهات النظر المختلفة وكذلك تحديد المطالب الجماهيرية. • تنظيم وتنسيق عمل المظاهرات وشعاراتها بين المجموعات المختلفة على صعيد البلاد، وحشد اكبر عدد ممكن من الجماهير وخاصة مستخدمي الانترنت والشبكات الاجتماعية. • كان لليوتيوب دور كبير في نشر أفلام المظاهرات، واستبداد وعنف الأجهزة القمعية وبالتالي إيصال الحقائق إلى الرأي العام. • ساهمت الكثير من المواقع الالكترونية بشكل كبير ومؤثر في دعم تلك الانتفاضات الجماهيرية وفي مختلف المجالات. *** وهكذا وبينما كانت التكنولوجيا في الماضي تساعد على تعزيز المركزية وهرم السلطة، إذ كانت تُعطي الشخص أو المجموعة التي يتاح لها الحصول على تلك التكنولوجيا، القدرة على الوصول إلى بقية المجتمع، فإن الثورة المعلوماتية أفرزت اليوم، آلاف المنافذ لبث الأنباء، الأمر الذي يجعل التحكم المركزي مستحيلا والخروج عن السيطرة سهلا. ودفعت شبكة الانترنت هذه العملية خطوة هائلة أخرى إلى الأمام، حيث أصبح هناك ما يمكن أن نصفه ب"الديموقراطية الرقمية" التي تعني، كما يقول الأستاذ جمال محمد غيطاس: “توظيف أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الرقمية في توليد، وجمع، وتصنيف، وتحليل، وتداول كل المعلومات والبيانات والمعارف المتعلقة بممارسة قيم الديموقراطية وآلياتها المختلفة؛ بغض النظر عن الديموقراطية، وقالبها الفكري، ومدى انتشارها، وسلامة مقصدها، وفاعليتها في تحقيق أهدافها".