دخلت في أكثر من نقاش وكتبت أكثر من مقال حول استخدام الأبناء لوسائل التقنية الحديثة حيث كانت الشكوى من إضاعة الوقت والتخوف من دخول الأبناء إلى المواقع الإباحية التي تحفل بها الشبكة العنبكوتية. وكنت لا أرى تلك الخطورة التي يخشى منها الآباء. وقد نظرت إلى هذه التقنيات على أنها مرحلة في أعمار الأبناء لا تختلف عن مراحل المراهقة التي مررنا بها بوسائلنا وتقنياتنا المتاحة.. والتي مرت بخيرها وشرها. وسيكبر الأبناء وتكبر معهم عقولهم وسيكون ما تعلموه من تقنيات وسيلة تخدم أعمالهم المستقبلية. ولقد أثبت شبابنا العربي أن تكنولوجيا الاتصالات الحديثة ليست للعب واللهو والانحراف وتبديد الوقت وإضاعته، كما كان يُظن بها. بل إنها وسيلة للانفتاح على العالم، وكسر طوق العزلة، والتفاعل مع ثقافات مختلفة. وأنها أيضا بوابة الشباب لمعرفة الديمقراطية وقوانينها واشتراطاتها وتجلياتها في حياة الناس، ولقياس أوضاعهم في العالم العربي ومقارنتها، بأوضاع الشباب في بلدان متقدمة أخرى، وهذا ما عرضهم لصدمة عنيفة لكنها إيجابية، جعلتهم يتساءلون: هل الديمقراطية مفصلة على مقاس شعب دون شعب آخر، ولماذا هم يعانون من بطالة وغياب تام للمؤسسات التي ترعاهم وتسهر على تطويرهم وتنمية قدراتهم، فيما المجتمعات المتقدمة تُسخر طاقاتها لخدمة الشباب، تعليماً وصحة ورياضة وثقافة وتكنولوجيا وترفيهاً؟. لقد استفاد الشباب العربي من التطور التكنولوجي والمعرفي وطوروا أشكال وآليات نضالهم السياسي والتنظيمي والفكري والإعلامي. ورغم قطع وسائل الاتصالات خلال الثورتين التونسية والمصرية فلقد كانت هذه التقنيات هي أحد أهم الأدوات التي استخدمها الشباب وسخرها لصالح ثورتهم وكان لها الأثر في انتصارهم وتحقيق أهداف ثوراتهم المباركة.