رغم كل المحاولات التي تبذلها بعض الحكومات العربية لإبعاد الشباب عن المشاركة في صنع مستقبل بلدانهم، وتحطيم عزائمهم بمختلف الأشكال، فاجأ الشباب العربي -في العديد من العواصم العربية- العالم عندما قدّموا أنفسهم كعنوان للتغيير. وكانت تقنية الاتصالات الحديثة هي إحدى أهم الأدوات التي استخدمها هؤلاء الشباب، وسخّروها لصالح ثورتهم، وكان لها الأثر في انتصارهم، وتحقيق أهداف ثورتهم. لقد نظم الشباب، الذين كانوا هم المحرّك الرئيس في الانتفاضة الشعبية في معظم العواصم العربية، مظاهراتهم من خلال التنسيق عبر موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيس بوك، وهو ما دفع السلطات في هذه البلدان إلى حجب هذه المواقع، بل ذهب النظام المصري السابق إلى أبعد من ذلك، حين قرر قطع خدمة الإنترنت والاتصالات في كامل البلد. وهكذا لعب الشباب -الذي حاولت بعض الأنظمة العربية تغييبه وتجهيله- دورًا محوريًّا في التغيير، ومسح الصورة النمطية عنه بنفس السلاح الذي كانت تلك الأنظمة تستخدمه في السابق لتعزيز المركزية وهرم السلطة، وتحتكرها، وهو سلاح الإعلام الذي أدخل عليه الشباب وسائل تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، التي أصبحت في متناول الجميع. لقد أفرزت الثورة المعلوماتية اليوم، آلاف المنافذ لبث الأنباء، الأمر الذي يجعل التحكّم المركزي مستحيلاً، والخروج عن السيطرة سهلاً. وتحوّل الإنترنت ومواقع الاتصال المتعددة مثل الفيس بوك والتويتر وغيرهما؛ من وسيلة للعب واللهو يعمد إليها الشباب لقتل الوقت، إلى وسيلة جدية يمارسون من خلالها حب أوطانهم.. فهي ليست فقط للضحك واللعب.. بل كانت أحد الطرق الجدية لتحقيق أهداف الشباب في التغيير. [email protected]