في بادرة تعد فريدة من نوعها، أقامت مؤسسة مد الجسور- وهي مؤسسة حقوقية مقرها في هولندا وتعمل على تنمية وبناء القدرات وتعزيز التواصل المدني بين المؤسسات الخليجية والأوروبية- أقامت هذه المؤسسة خلال الأسبوع الماضي ورشتي عمل حول الإعلام وحقوق الإنسان وأخرى حول المجتمع المدني. هذه المؤسسة التي يتشكل مجلس إدارتها من خبراء أوروبيين وخليجيين، انتهجت نهجا جديدا في العمل المؤسسي من خلال عمل برامج مشتركة مع مؤسسات محلية، وأقامت أنشطة لها في البحرين والكويت وعمان وقطر، كما تتعاون مع المؤسسات الحقوقية في المملكة لذات الغرض. شارك في البرنامج الأخير الذي أقيم في الكويت بالتعاون مع مركز السلام للدراسات التنموية والإستراتيجية خمسة وأربعون إعلاميا وكاتبا وناشطا من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي وأغلبهم من فئة الشباب الذين أضافوا للقاء حيوية وبهجة وإبداعا متميزا. يلحظ المراقب أن الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي انطلقوا في السنوات الأخيرة للتعاطي بوعي مع قضايا حقوق الإنسان والثقافة الحقوقية بشكل عام، يشهد على ذلك حضورهم المستمر في مثل هذه البرامج ومبادراتهم المتجدِّدة لإبراز القضايا الحقوقية. خلال البرنامج شارك هؤلاء الشباب بفعالية متميّزة وأبدعوا في طرح قضاياهم والتحدِّيات التي تواجههم، والمبادرات الطموحة التي يتطلعون إليها. تحدثت شابة من البحرين عن تفاصيل تجربتها الحقوقية مع نشطاء آخرين في جهودهم لتصديق الحكومة هناك على اتفاقية حقوق المعاقين. كما تحدّث شاب من المملكة عن تجربته في إنشاء وإدارة منتدى ثقافي خاص يعنى بالقضايا الاقتصادية، وما رافق ذلك من جهد تأسيسي ومن نتائج إيجابية في مجتمعه، وآخرون عن حملات نظموها في بلدانهم حول قضايا حقوقية محدَّدة لقيت صدى وتجاوبا كبيرا. الجميل في هذه المبادرات وما سواها أنها تهدف إلى الخروج من الحصار المذهبي والإقليمي الذي يسود في منطقة الخليج، وتبتعد عن مباشرة العمل السياسي إلى البعد الحقوقي بكل شموليته. فقد انبرى مثلا من يتبنَّى مبادرة أهلية لمساندة النازحين السوريين في شمال لبنان، وآخرون لتبني مشروع للتقريب بين فئات المجتمع في البحرين بعد الأحداث التي مرُّوا بها، وكذلك فكرة لتجسير العلاقة بين الفاعليات الحقوقية خليجيا. هذا التفاعل والحماس تجاه القضايا الإنسانية والحقوقية ما كان ليتبلور بهذه الصورة وبهذا الحماس لدى الشباب لولا الوعي الذي بدأ ينتشر في أوساطهم نتيجة للعديد من البرامج والأنشطة والفعاليات في هذا الإطار. لذا ينبغي العمل على دعم وتشجيع هذه المبادرات الشابة وتبنيها كي ترى النور وتساهم في تعزيز الحالة الحقوقية في المجتمع الخليجي.