غونتر غراس شاعر ألماني دخل إلى ذاكرة العالم بعد حصوله على جائزة نوبل للآداب عام 1999 ودخل إلى المحيط الإقليمي كحدث ثقافي وسياسي حينما دعت الجمهورية اليمنية ثلة من المثقفين في حوار ثقافي عربي ألماني كان في مقدمة المثقفين العرب الشاعر الراحل محمود درويش (رحمه الله)، وأراد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح منح غونتر غراس وسام الاستحقاق فما كان من غراس إلا أن نهض معتذرا عن استلام الوسام ما لم يعلن الرئيس العفو عن الكاتب اليمني وجدي الأهدل المطارد بسبب روايته (قوارب جبلية) وإبطال الحكم لأن في ذلك محاربة وإرهابا للفكر، وكما يروي فخري صالح هذه الواقعة (أن الرئيس اعتذر عن قبول طلب غراس كون وجدي حكم عليه بالسجن لأنه كتب أشياء تنتهك الأعراف. فغضب غراس واستوقف الرئيس قائلا إن هذا الكلام يؤذيه شخصيا لأنه سبق واتهم بهذه التهمة قبل حوالي خمسين عاما في ألمانيا، وهو يصر على رفض الوسام. فتلعثم الرئيس السابق، مستجديا الكاتب الأجنبي أن يقبل الوسام وسوف يسمح بعودة وجدي الأهدل ويأمر بإسقاط الحكم عليه.) هذه الحادثة جعلت غونتر غراس حاضرا في ذاكرة المثقف العربي بأهمية مناصرة حرية الرأي بغض النظر عن المواقع والأفكار، فحرية الرأي حق إنساني ليس لها موطن. وهاهو غونتر غراس يعود إلى ذاكرة المحيط العربي والإسلامي بقصيدة كتبها عن العدو الإسرائيلي بعنوان (ما يجب أن يقال) مهاجما إسرائيل ومتهما إياها بأنها تشكل تهديدا للسلام العالمي. وإزاء هذه القصيدة تحرك اللوبي الصهيوني في كل العالم مهاجما الشاعر غونتر غراس حتى وصل الأمر أن تعلن دولة العدو الإسرائيلي منع الشاعر من دخول إسرائيل. حدث هذا والمسلمون منشغلون بانشقاقهم ولم يساند الشاعر الألماني جماعات المسلمين المختلفة والمبثوثة في كل العالم ..وهو الأمر الذي يدعو إلى العجب فكل دولة إسلامية ترى أن قضيتها هي الأرض المحتلة وأن عدوها هو المحتل الصهيوني ومع ذلك لا يهتمون بأي شأن يساند قضيتهم وإنما يجيدون إعلان عداوتهم للمحتل في المؤتمرات فقط بينما على المستويات الأخرى لا يساندون أي أمر يظهر مصداقية قضيتهم. وربما عذرنا كمسلمين أننا نؤمن بالمؤامرة وأن كل من هو من (الفرنجة) ليس معنا بينما حقيقة الواقع أن هناك الكثير من الغربيين (وحتى اليهود أنفسهم) مناصر لحق الشعب الفلسطيني لكننا لا نراهم لأننا نبحلق بعيوننا في المؤتمرات فقط. شكرا غونتر غراس.