يتعرض عدد كبير من الصحافيين الذين ينقلون وقائع المواجهات الدامية في القاهرة بين انصار الرئيس المصري حسني مبارك ومعارضيه، للضرب والاعتقال والترهيب، ويشتكون من تزايد اعمال العنف التي تستهدفهم. وتشهد شوارع العاصمة المصرية، مطاردة لمراسلي وسائل الاعلام. فكل من يتجول حاملا كاميرا وآلة تصوير، سرعان ما يهاجمه رجال يرتدون ثيابا مدنية من مؤيدي الرئيس مبارك، وبدرجة اقل متظاهرون معارضون للحكومة يزدادون توترا. وبعنف يسأل احد المتظاهرين المعارضين لمبارك في ميدان عبد المنعم رياض الذي يشهد منذ الليل معارك دامية "من انت؟ دعني ارى اوراق هويتك". وقال مخاطبا مراسل وكالة فرانس برس "لا عمل للصحافيين هنا. لقد كشفتم عن معلومات استراتيجية عندما كشفتم عن عدد المعارضين الموجودين في الميدان". ولكن الحادث لم يتطور. وفي هذه الاثناء، اعلنت القناة الاولى الخاصة في التفزيون الفرنسي وقناة فرانس 24 اعتقال ستة من صحافييهما في مصر. في حين اعلنت قناة "ارتي" الالمانية الفرنسية توقيف احد صحافييها لعدة ساعات الخميس. واكدت الخارجية الفرنسية توقيف ستة صحافيين، كما اعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو ان بضعة حوادث "عرضت للخطر سلامة عدد من الصحافيين الفرنسيين الذين يعملون في شبكات تلفزة وفي صحيفة لوموند". واضاف "نطلب بالحاح من السلطات المصرية وقف هذه التحركات غير المقبولة وضمان امن الصحافيين وحرية عملهم". وطالبت اسبانيا كذلك مصر بضمان سلامة الصحافيين بصورة عامة وصحافييها بصورة خاصة، معربة عن قلقها ورفضها تعرض نحو 15 من الصحافيين الاسبان للتوقيف والاعتداء "من قبل مجموعات ارادت منعهم من القيام بعملهم" في القاهرة، كما قالت وزارة الخارجية في بيان الخميس. في هذه الاثناء، كان عناصر من الشرطة ينتشرون بالثياب المدنية حول ميدان التحرير وسط القاهرة، حيث يتعرض متظاهرون مؤيدون للرئيس مباشرة للصحافيين منذ الاربعاء. وقال صحافي اجنبي لوكالة فرانس برس ان رجالا بثياب مدنية وجنديين قد اعتقلوه ثم اقتادوه الى شارع فرعي كان فيه رجل مكبل عاري الصدر وتغطي الجروح والدماء كامل جسمه. واوضح هذا المراسل ان "جنديا شابا قال لي بالعربية +هل تريد انت ايضا ان تموت؟" وذكر مصور لوكالة فرانس برس "هاجمني مواطنون كانوا ينتظرون امام جهاز للصرف الآلي، واضطررت الى التخلص من بطاقتي ذاكرة للكاميرا حتى نجوت انا وسائقي. وتمكن شرطي من تهدئة الناس". واكد صحافيون اجانب على موقع تويتر انهم منعوا الخميس من التصوير من فندق هيلتون المطل على ساحة التحرير. واعتقلت الشرطة الخميس في القاهرة ثلاثة صحافيين في شبكة تي.في.بي التلفزيونية البولندية الرسمية. وتعرض فريق الصحافي النجم في شبكة سي.ان.ان الاميركية اندرسون كوبر، للضرب من انصار الرئيس مبارك، الا ان الجنود الذين كانوا في مكان قريب لم يتدخلوا، كما ذكرت الشبكة. وانهال متظاهرون بالضرب على صحافي الاربعاء في ضواحي ميدان التحرير. كذلك تعرض متظاهرون يحملون لافتات مؤيدة لمبارك، بالضرب لمراسل شبكة تي.في2 الدنماركية ستيفن جنسن في اليوم نفسه. وقال لوكالة ريتساو الدنماركية للانباء "احاطت بي مجموعة من انصار مبارك الذين كانوا يريدون الاستيلاء على هاتفي النقال وآلة التصوير وجواز سفري، لكني رفضت ان اعطيهم شيئا. عندئذ ضربوني بقبضاتهم والعصي". وهدد انصار للرئيس مبارك صحافيين هولنديين، كما ذكرت مؤسساتهم على مواقعها. واكد طارق الشامي مراسل شبكة الحرة الاميركية الناطقة باللغة العربية الخميس في بث مباشر "ما زلنا مهددين، ولا يزال بلطجية ومجرمون في اسفل البناية". واضاف "لا نعرف هل سنبقى ام نرحل، فالنظام يريد تخويف الصحافيين حتى لا يقوموا بواجباتهم". وذكرت وزارة الخارجية الروسية ان اثنين من صحافيي شبكة زفيزدا الروسية اعتقلا بتهمة انتهاك حظر التجول الاربعاء "وقد عثر الدبلوماسيون الروس عليهما في احد اقسام جهاز مكافحة التجسس العسكري". وتطول لائحة وسائل الاعلام التي تعرض مراسلوها للضرب او الاعتقال، بدءا بالجزيرة والعربية وصولا الى بي.بي.سي نيوز وسي.ان.ان وفرانس 2 وفرانس 24 وراديو كندا ولوسوار ... وفي ستوكهولم، اعلنت شبكة اس.في.تي التلفزيونية السويدية الخميس انها فقدت اثر احد صحافييها برت سندستروم الذي يغطي الاحداث في القاهرة. في هذه الاثناء، انتقدت منظمة مراسلون بلا حدود "اعمال العنف المنهجية" التي يرتكبها انصار الرئيس مبارك. واعربت المنظمة في بيان عن "انزعاجها مما يبدو مطاردة حقيقية لوسائل الاعلام التي تغطي الاحداث في مصر وتعرب عن قلقها العميق على جميع الصحافيين الموجودين الان في القاهرة وخصوصا عشية التظاهرة الكبيرة المقررة الجمعة في الرابع من شباط/فبراير التي سميت تظاهرة جمعة الرحيل التي ينظمها معارضو الرئيس حسني مبارك". وفي واشنطن، اعلن المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية التي اقلت باراك اوباما الى بنسلفانيا (شرق) "اريد ان اقول كلمة حول الصحافيين الذين يتعرضون للاستهداف في مصر. هذا امر مرفوض كليا وتماما". ودعا غيبس الى الافراج الفوري عن المعتقلين من بينهم. وفي لندن، دان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الخميس مشاهد العنف الجديدة في مصر وقال ان "من غير المقبول ترهيب الصحافيين والتحرش بهم".